اثنا عشر نقيبًا من اثني عشر سبطًا بعثهم موسى -عليه السلام- ليأتوه (١) بأخبار (٢) الجبابرة وهم: العمالقة، وقيل: كانوا من ولد روم بن عيصو بن إسحاق وأوصاهم أن لا يقولوا إذا رجعوا إلا ما يزيدهم حرصًا وإقدامًا، فذهبوا وأقاموا بين الجبابرة أربعين يومًا يتعرفون مداخل الأمر ومخارجه، فلقيهم رجل من العمالقة فجعلهم في كساه وذهب بهم إلى مَلِكِهم فألقاهم بين يديه، فتعجب الملك منهم وحذرهم وصرفهم إلى موسى -عليه السلام- وزودهم شيئًا من ثمارهم، قيل: أحمل أربعة (٣) منهم عنقودًا واحدًا من العنب، وأربعة منهم نصف رمان، فلما حصلوا في معسكر بني إسرائيل خالفوا موسى -عليه السلام- وذكروا من عظم أجسام القوم وشأنهم (٤) ما هال بني إسرائيل إلا رجلان يوشع بن نون وكالوب بنيوفنا فإنهما ذكرا كثرة النعمة وشدة خوف العدو وما فيهم من الفشل والجبن، فتمكن الخوف في قلوب بني إسرائيل بقول العشرة وخرجوا عن أمر موسى -عليه السلام- (٥).
وقالوا ﴿إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾ أقوياء عظام الأجسام. وقد يكون الجبار بمعنى العاتي وبمعنى القاهر (٦)، قيل: إنهم كفروا بذلك القول، وقيل: لم يكفروا لأنهم لم يمتنعوا عن الدخول (٧) أصلًا ولكن جادلوه على سبيل

(١) في "أ" لا توجد (ليأتوه).
(٢) في "ب": (بخبر).
(٣) في الأصل: (أحل أربعة).
(٤) في "أ" "ب": (وشوكتهم).
(٥) روى تفاصيل هذه القصة عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أخرجها عنه الطبري في تفسيره (٨/ ٢٩٠)، وفي تاريخه (١/ ٤٢٨).
(٦) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾ [المَائدة: ٢٢] الجبارين قال أبو الحسن اللحياني: أراد الطول والقوة والعِظَم، وقد يراد به القَتَّال بغير حق كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠)﴾ [الشعراء: ١٣٠]، وقوله: ﴿إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ﴾ [القَصَص: ١٩] وقد يراد به المتكبر عن عباد الله كقوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريَم: ١٤] وأما وصف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالجَبَّار، فالمراد به القاهر خلقه على ما أراد.
[تهذيب اللغة (١١/ ٥٨)، المحكم (٧/ ٤٠٦)].
(٧) (عن الدخول) ليست في "ب".


الصفحة التالية
Icon