﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ﴾ قال هابيل: وإنما لم يبسط إليه يده (١) لأنه توعده بالقتل ولم يقاتله جهرًا فأخبره بذلك ليستميله بذلك ويدعه إلى السلم وينبهه على عظم وبال القتل، وقيل: إنهم كانوا متعبدين بترك الدفع.
﴿بِإِثْمِي﴾ أي بإثم قتلي ﴿وَإِثْمِكَ﴾ أي: وإثم ما ارتكبته وعصيان في التزويج (٢) (والإثم) هاهنا: وبال الفجور، فلا إثم عليه، فلا وبال عليه.
﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ﴾ أي: جعلت القتل فعلًا متأنيًا سهلًا طوعًا ﴿فَأَصْبَحَ﴾ صار، وكان ﴿مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ المغبونين (٣) بذهاب الدنيا والآخرة، روي أن آدم -عليه السلام- دعا عليه وقال له: كن خائفًا لا يلقاك أحد إلا خفته، فصار يفر ويتوحش وكل من رآه رماه بحجر حتى قتله (٤) بعض ولد ولده، وعن علي بن الحسن بن علي قال: أوّل دم وقع على الأرض دم حواء من حيضها وقتل يومئذ سدس الدنيا يعني هابيل؛ لأنه كان أحد الستة من أبويه وأخيه وأختيه وكأنه لم يكن لآدم -عليه السلام- يومئذ ولد غيرهم، قال: ووكل بقابيل ملكان يطلعان به مع الشمس ويغربان (٥) به مع الشمس وينضحانه بالماء الحار إلى يوم القيامة (٦).
﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا﴾ قيل إن الله تعالى بعث غرابين وقيض أحدهما ليقتل الآخر فقتله ثم واراه في التراب و (البحث) رفع ظاهر الأرض
(٢) قال الطبري (٨/ ٣٣٢): الصواب من القول بإجماع أهل التأويل عليه في قوله: "أن تبوء بإثمي وإثمك" إني أريد أن تنصرف بخطيئتك في قتلك إياي وذلك معنى قوله "إثمي"، وأما معنى "إثمك" فهو إثمه بغير قتله، وذلك معصية الله جل ثناؤه في أعمال سواء لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد أخبرنا أن كل عامل فجزاءُ عمله له أو عليه، وإذا كان ذلك حكمه في خلقه فغير جائزٍ أن يكون آثام المقتول مأخوذًا بها القاتل. اهـ.
(٣) (المغبونين) ليست في "ب".
(٤) (قتله) ليست في "ب" "ي".
(٥) في "ب": (وينزلان).
(٦) لا نعلم دليلًا صحيحًا صريحًا على ما ذكره المؤلف وصريح القرآن لم يشر إلى مثل ذلك.