﴿آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ ندبهم إلى الإيمان والاتقاء (١) بعد اللوم ليوفق بعضًا ويؤكد الحجة على الباقين.
﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ أعطتهم السماء مطرها ﴿وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ والأرض نباتها بإذن الله كقوله: ﴿بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ٩٦] وقوله: ﴿لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ [الجن: ١٦].
﴿أُمَّةٌ مُقْتَصِدَة﴾ معتدلة متوسطة في السيرة، قيل: هم أصحاب النجاشي، وقال مجاهد وقتادة (٢): هم مؤمنو أهل الكتاب، قيل: قوم تمسكوا بكتبهم من غير تبديل وتحريف قبل نسخها، وقيل: خروج نبينا -عليه السلام-.
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ﴾ قال محمد بن كعب القرظي: رأى أعرابي رسول الله وحده مستظلاًّ تحت شجرة فأخذ السيف وصاح: يا رسول الله يا محمد من يمنعك مني؟ قال: "الله"، فسقط سيفه، وروي صار يضرب رأسه بالشجرة حتى انتثر دماغه (٣)، وفي الحديث: كان الصحابة يحرسون النبي -عليه السلام-، فلما نزلت هذه الآية طلع عليهم وقال لهم (٤): "ارجعوا فقد كفيتم" (٥)، وهذا التكليف لاستحقاق الثواب، وفي الآية دليل أنه لم يكتم
(٢) أخرجه عنهما الطبري في تفسيره (٨/ ٥٦٥)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٢٩٧) إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) هذه القصة في البخاري أما علاقتها بهذه الآية فقد رواها أحمد (١٥٨٦٨)، وابن حبان (١٧٣٩ - موارد)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١٧٣)، وابن جرير (٨/ ٥٦٧) وليس في كل هذه الروايات تهشيم رأسه بالشجرة إلا في رواية وردت عند الطبري (٨/ ٥٧٠).
(٤) (لهم) ليست في الأصل.
(٥) الترمذي (٣٠٤٦)، وابن جرير (٧/ ٥٦٩)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١٧٣)، والحاكم (٢/ ٣١٣)، والبيهقي (٢/ ١٨٤)، والحديث حسنه الترمذي لكن ابن كثير في تفسيره يقول: وهذا حديث غريب جدًا وفيه نكارة، فإن هذه الآية مدنية وهذا الحديث يقتضي أنها مكية.