شيئًا من الوحي لقيه (١) ولا يجوز للأنبياء ذلك خلاف ما قالت الروافض (٢)، قالت عائشة: لو كتم رسول الله شيئًا لكتم قوله: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: ٣٧] (٣) وقيل: لو كتم شيئًا لكتم قوله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] الآية، وقيل: لو كتم شيئًا لكتم قوله في حمزة ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: ١٢٦]، وقيل: لو كتم شيئًا لكتم قوله في أبي (٤) طالب: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦].
﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ﴾ لم تبلغ كل ما أنزل إليك ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ شيئًا من الرسالة أي تحبط (٥) عملك ﴿يَعْصِمُكَ﴾ قال: ليزيده جرأة وتيسيره لتبليغ الكافرين في الحال أو قوم ماتوا على الكفر أو لا يهديهم طريق الوصول إلى استئصال أمر النبوة.
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ قال ابن عباس: قالت جماعة من اليهود (٦) للنبي -عليه السلام-: يا محمد هل تقر بأن (٧) التوراة حق؟ قال: "نعم"، قالوا: فنحن نؤمن بها ولا نؤمن بغيرها (٨) لأنه متفق عليه (٩)،

(١) (لقيه) ليست في "ب".
(٢) نسب هذا القول للروافض القرطبي في تفسيره (٦/ ٢٤٢ - ٢٤٣) قائلًا: (.. فدلّت الآية على ردّ قول من قال: إن النبي - ﷺ - كتم شيئًا من أمر الدين تقيَّة وعلى بطلانه، وهم الرَّافضة..) وقال: (وقبح الله الروافض حيث قالوا: إنه - ﷺ - كتم شيئًا مما أوحى الله إليه كان بالناس حاجة إليه).
(٣) الترمذي (٣٢٠٧، ٣٢٠٨)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٤١)، والطبري في تفسيره (١٩/ ١١٧)، وهو مروي عن أنس كما عند ابن سعد (٨/ ١٠١، ١٠٢)، والحاكم (٤/ ٢٣، ٢٤) واستغربه الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (٣/ ١١١).
(٤) في الأصل و"ي": (علي بن أبي طالب) وهو خطأ.
(٥) المثبت من "ب"، وفي البقية (حبط).
(٦) (من اليهود) ليست في "ب".
(٧) في "ب": (تقر أن).
(٨) في الأصل: (فنحن لا نؤمن بها لأنه..).
(٩) سيرة ابن هشام (١/ ٥٦٧، ٥٦٨) عن ابن إسحاق، وابن جرير في تفسيره (٨/ ٥٧٣)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١٧٤).


الصفحة التالية
Icon