فرد الله (١) عليهم بالمنع في ضمن قوله: ﴿حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ﴾ أي: لستم آخذين بها ولا مقيمين إياها وبالتنبيه على فساد أصل المقالة في ضمن (٢) قوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: ما ثبت من القول الجابر بالإعجاز والأمر والنهي؛ فإن الموجب لقبول الكتاب هذا المعنى دون الإجماع، وإذا كان الموجب هذا لزم الحكم بوجوده وزال لعدمه.
﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ ارتفع عطفًا على الضمير في ﴿هَادُوا﴾ لأن الفعل لا يخلو عن ضمير تقديره: والذين هادوا وهم الصابئون، وقيل بالابتداء على تقدير التأخير أو على تقدير إلغاء حكم إنّ (٣).
﴿أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ ﴿أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ استيلاء بخت نصر والروم عليهم ﴿ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ (٤) أعاد الأمن والرخاء، وقيل: فتنة ابتلائهم بنسخ الشرائع وقبول توبتهم إن تابوا ﴿كَثِيرٌ﴾ رفع بالابتداء (٥) وخبره أو بإسناد الفعل أو بالتأكيد (٦).
﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ قيل: من كلام عيسى استئناف كلام الله من الله -عَزَّ وَجَلَّ-

(١) (فرد الله) ليست في "أ".
(٢) من قوله (قوله ﴿حَتَّى تُقِيمُواْ﴾...) إلى قوله (في ضمن) ليست في "أ".
(٣) (أنّ) ليست في "ب".
(٤) في الأصل: (تاب الله عليهم)، وفي "ي" "أ" "ب": (ثم تاب الله).
(٥) وذهب الزجاج إلى أن "كثير" خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: ذوو العمى والصمم كثير منهم. ويجوز - كما قال الفراء - أن تجعل "عموا وصموا" فعلًا للكثير كما قال أحيحة بن الجلاح:
يلومونني في اشترائي النخيـ ـلَ أهلي فكلهم أَلْوَمُ
ولو نصبت "كثير" في غير القرآن لكان صوابًا ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
وسوَّد ماءُ المَرْدِ فاها فلونه كلونِ النَّؤُور وهي أدماء سَارُهَا
والبيت في وصف ظبية، والمرد: الغض من ثمر الأراكَ، والنؤور: النيلج وهو دخان الشحم، يعالج به الوشم فيخضر. وسارها: أي سائرها، والأدماء من الأدمة وهي في الظباء لون مشرب بالبياض.
[معاني القرآن للفراء (١/ ٣١٦)، معاني القرآن للزجاج (١٩٥/ ٢)].
(٦) في "ب": (بإسناد الفعل أو بإسناد الفعل أو بالتأكيد).


الصفحة التالية
Icon