الَّذِينَ كَفَرُوا} المشركون ﴿أَنْ (١) سَخِطَ اللَّهُ﴾ بيان لما قدمت ﴿لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ أي: إن حلوا محل المسخوط عليهم بكسبهم خصالًا لا يرضاها الله تعالى و (السخط): الغضب وفيه معنى الكراهية ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ﴾ نزلت في المنافقين من أهل الكتاب لأنه نفي إيمانهم به وبالنبي -عليه السلام- وما في شأن الجميع والشعبي موسى -عليه السلام- أو عيسى -عليه السلام-.
﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً﴾ في اليهود والمشركين على العموم ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً﴾ النصارى على العموم وقيل: جماعة مخصوصة من النصارى وهم أصحاب النجاشي. عن ابن عباس وابن جبير ومجاهد والسدي (٢)، وقال قتادة (٣): هم قوم كانوا على دين عيسى -عليه السلام- آمنوا بنبينا -عليه السلام- اثنان وثلاثون من الحبشة قدموا مع جعفر الطيار وثمانية من الشام وأربعون من نجران، ﴿مَوَدَّةً﴾ محبة ذلك إشارة إلى وجودهم وقربهم ﴿قِسِّيسِينَ﴾ جمع قسيس وهو العالم (٤) بلغة الروم، والقس في لغة العرب تتبع الخير والقساس التمام (٥) ﴿وَرُهْبَانًا﴾ جمع راهب وأنهم أي النصارى.
﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ﴾ صفة الذين قدموا على النبي -عليه السلام- وأسلموا ويجوز أن يجاب إذا بفعل المستقبل. قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤)﴾ [الصافات: ١٤] ﴿تَفِيضُ﴾ تمتلىء مع السيلان، يقال للخبر الفاشي فائض ومستفيض و ﴿الدَّمْعِ﴾ ماء العين من فرحٍ كان أم حزن، ويحتمل (٦) أنهم بكوا فرحًا لإدراك النبي -عليه السلام- ويحتمل خوفًا على إفراطهم.
(٢) أما عن ابن عباس فرواه الطبراني في الكبير (١٢٤٥٥)، وفي الأوسط (٤٦٣٩)، وأما عن سعيد بن جبير فرواه ابن جرير (٨/ ٦٠٠)، وابن أبي حاتم (٦٦٧٣). وأما عن مجاهد فرواه ابن جرير (٨/ ٥٩٥)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١٨٣). وأما عن السدي فرواه ابن جرير (٨/ ٥٩٦، ٦٠١)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١٨٤).
(٣) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٤٠٦ - ٤٠٧) لأبي الشيخ.
(٤) في "أ": (الغلام).
(٥) في "أ": (العمام).
(٦) في "أ" "ب": (يحتمل) بدون واو.