قوله: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣] فامتنع آخرون عن الشرب بالنهار وشربوا بالليالي (١)، فلما نزل هذه الآية قال عمر: بعدًا (٢) لكِ يا خمر وسحقًا قرنت بالأنصاب والأزلام، وتركها جميع الناس ووقع في صدور الناس شيء وأتوا رسول الله وسألوه عن حمزة ومصعب ابن عمير وعبد الله بن جحش وأمثالهم أليسوا في الجنة؟ قال: "بلى"، قالوا: إنهم ماتوا يشربون الخمر فما بالنا لا نشرب؟ فأنزل الله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ﴾ الآية وفي حمزة وأصحابه هذه الآية (٣).
وحدّ الشرب ثمانون جلدة وعند الشافعي أربعون جلدة، قال علي: إنه إذا شرب سكر وإذا سكر (٤) هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة (٥)، إبقاء الأول إبقاء عن الكفر (٦)، والثاني بقاء على إبقاء الأول وإبقاء عن الارتداد بعد الإيمان، والإيمان بقاء على الإيمان السابق، والأحكام الناسخة المستقبلة كقوله: ﴿زَادَتهُم إِيمَانًا﴾ [الأنفال: ٢] والثالث: إبقاء عن السيئات والإحسان الذي قال -عليه السلام-: "هو أن تعبد الله كأنك تراه (٧) فإن لم تكن تراه فهو يراك" (٨).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ﴾ نزلت عام الحديبية وهم كانوا محرمين فحشر الله الصّيد إليهم وابتلاهم بكثرتها وتيسير تناولها مع الحظر عنها، وتقديره: والله ليبلونكم ﴿مِنَ الصَّيْدِ﴾ لتبيين الجنس ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ﴾ البيض
(٢) في "ي" والأصل: (بعيدًا).
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٤٥٨) لابن المنذر.
(٤) (وإذا سكر) ليست في "أ".
(٥) مرّ تخريجه.
(٦) في "أ": (الكفرة).
(٧) في "أ": (كأنه يراك).
(٨) هذه جملة من حديث جبريل الطويل الذي رواه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما سأل جبريل النبي -عليه السلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة، والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب الإيمان (١/ ٣٧)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان (١/ ٣٩/ ٥)، والإمام أحمد في مسنده (١/ ٢٧ - ٣/ ١٠٧) وغيرهم.