﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا﴾ قال أبو أمامة (١) وأبو هريرة: لما نزل قوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى اَلنَّاسِ حِجُّ اَلبَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧] قال رجل من الأعراب: أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت عنه، فأعاد عليه ثلاث مرات فاستغضب، فمكث (٢) طويلًا ثم تكلم فقال: "من هذا السائل؟ " قال الأعرابي: أنا، فقال: "ويحك! ما يؤمنك أن أقول نعم! لو قلت نعم لوجب ولو وجب لكفرتم" فأنزل الله الآية (٣)، وإنما أنكر السؤال؛ لأن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا بقرينة ولم يقع سؤاله للضرورة. أبو صالح عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله ذات يوم غضبان قد احمرّ وجهه فجلس (٤) على المنبر فقال: "لا تسألوني (٥) عن شيء إلا أحدثكم (٦) به" فقام رجل وقال: أين أبي؟ قال: "في النار"، فقام عبد الله بن حذافة وكان يطعن في نسبه فقال: من أبي؟ قال: "أبوك حذافة" فقام عمر وقال: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبالقرآن إمامًا وبمحمد نبيًا، يا رسول الله كنا حديث عهد في الجاهلية وشرك فالله أعلم من آباؤنا، قال: فسكن غضبه، ونزلت الآية (٧). وعن سعيد بن جبير نزلت في السائل عن البحيرة والسائبة والوصيلة (٨) يعني
[خزانة الأدب (٩/ ٢٣٨)، الخصائص (٢/ ٢٨٤)، شرح أبيات سيبويه (٢/ ٢٢٠)، لسان العرب (١٣/ ٤٦٣) "يمن"].
(١) في "أ": (تمامة).
(٢) في "أ": (فمكت).
(٣) أما عن أبي أمامة فرواه ابن جرير (٩/ ١٩، ٢٠)، والطبراني في الكبير (٧٦٧١)، وسنده ضعيف كما قال ابن كثير. وأما عن أبي هريرة فرواه ابن حبان (٣٧٠٤) وسنده صحيح.
(٤) في "أ": (وجلس).
(٥) (لا تسألوني) ليس في الأصل.
(٦) في "أ": (وحدثكم).
(٧) ابن جرير (٩/ ١٧)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢١٩)، والطحاوي في المشكل (١٤٧٥)، وعزاه السيوطي في الدر (٢/ ٣٣٥) للفريابي وابن مردويه.
(٨) أخرجه الطبري (٩/ ٢٢)، وابن أبي حاتم (٦٨٧٩)، والطحاوي في المشكل (٤/ ١١٨)،
وعزاه السيوطي في الدر (٢/ ٣٣٦) إلى أبي الشيخ.