الناس (١) إذا رأوا منكرًا فلم يغيّروه يوشك أن يعمهم الله بعذاب" (٢).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ ابن جبير عن ابن عباس كان تميم الداري
وعدي بن نبدي نصرانيان يختلفان إلى مكة بالتجارة، فخرج مسلم من بني
سهم فتوفي بأرض ليس بها مسلم فأوصى إليهما فلما رجعا من سفرهما دفعا
تركته إلى أهله وحبسا (٣) جامًا من فضة مخوّصًا بذهب فاستحلفهما
رسول الله - ﷺ - ما كتما ولا اطّلعا، ثم عرف الجام بمكة فقال الذين اشتروه:
اشتريناه من عدي وتميم، فقام رجلان من أولياء السهمي وأخذا الجام وفيهم
نزلت الآية (٤)، دليل أن الورثة صدقوهما في الوصاية واتهموهما في الأمانة
ولذلك استحلفهما على الكتمان والاطلاع، وفيه دليل أن المراد بالشهادة
اليمين وإنما وجب عليهما اليمين لأن الورثة يدّعون عليهما الزيادة.
وفي أيمان الورثة وجهان: فإن ادعى الوصيان وصية أو ملكًا في الجام يخرجان به عن حكم الميراث والورثة ينكرون ذلك فهذا حكم قائم، وإن كان يمينهم قائمة مقام البينة وإبطال اليمين الأولين فهذا حكم منسوخ، وعن زيد بن أسلم (٥) قال: كان ذلك في رجل توفي في أرض حرب والناس كفار وليس عنده أحد من أهل الإسلام وكان الناس يتوارثون بالوصيّة، ثم نسخت (٦) الوصية وفرضت الفرائض وعمل المسلمون بها والمراد بقوله: ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ الإخبار أو الأمر (٧) ﴿إِذَا حَضَر﴾ توقيت

(١) (إن الناس) ليست في "أ".
(٢) أبو داود (٤٣٣٨)، والترمذي (٢١٦٨، ٣٠٥٧)، والنسائي في الكبرى (١١١٥٧)، وابن ماجه (٤٠٠٥)، وأحمد (١/ ١٧٧، ١٩٧، ٢٠٨، ٢٢١)، وأبو يعلى (١٣٢)، وابن جرير (٩/ ٥١، ٥٢)، وابن حبان (٣٠٤، ٣٠٥)، والحديث صحيح.
(٣) في الأصل و"ي": (وجلسا).
(٤) الترمذي (٣٠٥٩)، وابن جرير (٩/ ٨٨، ٨٩)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢٣٠، ١٢٣١)، والنحاس في ناسخه ومنسوخه (٤٠٩)، وأبو نعيم (١٢٢٣)، والحديث ضعيف.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ٦٧) وذكره ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢١٢).
(٦) (ثم نسخت الوصية) ليست في "أ".
(٧) هذه الآية كما قال مكي بن أبي طالب: في قراءاتها وإعرابها وتفسيرها ومعانيها =


الصفحة التالية
Icon