فلبث أربعين صباحًا تنزل عليهم المائدة ضحى فلا تزال منصوبة يأكلون منها فوجًا فوجًا حتى إذا فاء الفي طارت وهم ينظرون في ظلها حتى توارت، وكان ينزل غبًّا، فأوحى الله إلى عيسى اجعل ما ترى رزقي للفقراء دون الأغنياء، فعظم ذلك على الأغنياء (١) وتشككوا (٢) الناس وقالوا: أترون (٣) أنها تنزل من السماء حقًا؟ فقال عيسى: تشمروا لعذاب الله، فمسخ منهم ثلثمائة وثلاث وثلاثون رجلًا خنازير في ليلة واحدة ولم يبيتوا (٤) الدواب ولم يأكلوا ولم يشربوا ولكنهم كانوا يبعدون (٥) الطريق ويترددون ثم ماتوا بعد ثلاثة أيام (٦).
﴿أُعَذِّبُهُ﴾ عائد إلى (من يكفر) ﴿لَا أُعَذِّبُهُ﴾ عائد إلى الفعل المفعول وهو العذاب وذلك ما خصّهم من الألم المخصوص بهم حالة المسخ أو ما خصهم به من عذاب الآخرة.
﴿وَإِذْ﴾ بمعنى إذا، لتحقق الوجوب (٧)، وعن السدي (٨) أنه للماضي وذلك عند رفعه إلى السماء، فالسؤال سؤال لوم وتقريع للنصارى عند الجمهور وسؤال الابتلاء والاختيار أي (٩) عند السدي روى أن عيسى -عليه السلام-
(٢) في الأصل: (فشككوا).
(٣) في "ب": (تريدون).
(٤) في الأصل و"ب": (ينتهوا).
(٥) في الأصل و"ب": (يفدون في).
(٦) ابن أبي حاتم (٤/ ١٢٤٤ - ١٢٥٥)، وأبو الشيخ في "العظمة" (١٠١١) واستغربه ابن كثير في تفسيره.
(٧) بمعنى هل هذا القول وقع وانقضى أو سيقع يوم القيامة؟ قولان؛ فقيل: إنه لما رفعه إليه قال له ذلك. وعلى هذا تكون على بابها في الدلالة على المضي وهذا هو الظاهر الذي تدل عليه الآية، وقيل: إن الله سيقول له ذلك يوم القيامة وعلى هذا فـ "إذ" بمعنى "إذا" و"قال" بمعنى يقول.
[الدر المصون (٤/ ٥١١)].
(٨) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ١٣٣)، وابن أبي حاتم (٧٠٥١).
(٩) (أي) ليست في "ب".