رواية عن ابن عباس (١)، و (النأي) تباعده عن القرآن وموجباته، أخبر الله عن تناقض أمره وعجب فعله، إلى هذا ذهب مجاهد وقتادة وابن زيد والحسن، وروي عن ابن عباس (٢): المراد بالنهي صدّهم وتنفيرهم الناس عن الإسلام (٣)، والنأي تباعدهم بأنفسهم، والنأي البعد (٤).
﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا﴾ حبسوا، وجواب لو محذوف.
﴿بَلْ﴾ ردّ لحقيقة تمنيهم بما اضطرهم إلى ذلك وهو ظهور ما كتموه وجحدوه من الشرك وغيره بشهادة (٥) سمعهم وأبصارهم وجلودهم وأيديهم وأرجلهم (٦). ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا﴾ إخبار عن غاية الموهوم والمتصور (٧) من حالهم المعلقة بشرط الإعادة ولا إعادة.
﴿إِنْ هِيَ﴾ كناية (٨) عن الحياة.

(١) ذكر ذلك عن ابن عباس عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٢٠٦)، وسعيد بن منصور (٨٧٤)، وابن جرير (٩/ ٢٠٣، ٢٠٤)، وابن أبي حاتم (٧١٩٩، ٧٢٠٦)، والطبراني في الكبير (١٢٦٨٢)، والحاكم (٢/ ٣١٥)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٣٤٠).
(٢) أما عن ابن عباس فرواه ابن جرير (٩/ ٢٠١)، وابن أبي حاتم (٧٢٠٠، ٧٢٠٧). وأما عن مجاهد فرواه ابن جرير (٩/ ٢٠٢)، وابن أبي حاتم (٧٢٠٢). وأما عن قتادة فرواه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٢٠٥)، وابن جرير (٩/ ٢٠٢)، وابن أبي حاتم (٧٢٠٣).
(٣) من قوله: (ابن عباس) إلى هنا: ليست في "ب".
(٤) قوله تعالى: "ينهون" و"ينأون" بينهما -كما قال البلاغيون- تجنيس التصريف، وهو عبارة عن انفراد كل كلمة عن الأخرى بحرف، فـ"ينهون" انفردت بالهاء، و"ينأون" بالهمزة، ومثله قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: ١٠٤]، وقوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ [غافر: ٧٥] وقوله -عليه السلام-: "الخيل معقود في نواصيها الخير". رواه البخاري (٦/ ٥٤ - كتاب الجهاد).
والنأي هو البعد ومنه قول ذي الرمة:
إذا غيَّرَ النأيُ المُحِبَّين لم يزل رَسِيْسُ الهوى مِنْ حُبِّ مَيَّةَ يبرحُ
[البحر (٤/ ١٠٠)، ديوان ذي الرمة (٢/ ١٩٢)، الخزانة (٤/ ٧٥)].
(٥) في الأصل: (وغير الشهادة).
(٦) (وأرجلهم) ليست في "أ".
(٧) في الأصل: (والمتصور).
(٨) في الأصل: (بني كنانة) وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon