اختلفوا في حال الحيوانات، قيل: تصير ترابًا بعد الاقتصاص (١)، وقيل: ما تستأنس به الإنس أدخل الجنة ينتفع بها أهلها وسائرها يجعل كافورًا ومسكًا في الجنة، وقيل: يعوض هذه الحيوانات آلامها الدنياوية عوضًا متناهيًا، وقيل: عوضًا غير متناه، فكل هذا الحكم على الله تعالى لا يثبت إلا بالوحي أو بالأخبار المتواترة.
﴿أَرَأَيْتَكُمْ﴾ سؤال إفحام (٢)، و ﴿السَّاعَةُ﴾ اسم من أسماء القيامة كالآزفة، وهي اسم الجزء من أربعة وعشرين من الملوين واسم لكل مدة قريبة.
﴿بَلْ﴾ للإثبات بعد النفي، وإنما يدعون الله ويستجدونه إلى كشف ما أصابهم لما في صلة المخلوق من الفزع إلى الخالق عند الضرورة.
﴿فَأَخَذْنَاهُمْ﴾ أخذ الله إياهم بالبأساء كأخذه (٣) آل فرعون بالطوفان وأخواته، وأخذ أهل نينوى (٤) لما عاينوا من البأس.
﴿تَضَرَّعُوا﴾ إلى الأنبياء -عليه السلام- (٥) وهم لم يفعلوا إلا الفزع إلى الخالق

(١) ورد ذلك عن عدة من السلف مثل أبي هريرة ومجاهد وعكرمة وغيرهم، ولفظ أبي هريرة قال: "يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة: البهائم، والدواب، الطير، وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذٍ أن يأخذ للجَمَّاءِ من القرناء، ثم يقول: كوني ترابًا، فلذلك يقول الكافر: ﴿لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾ [النّبَإِ: ٤٠] " أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٢٠٦)، والطبري (٩/ ٢٣٥)، وابن أبي حاتم (٧٢٦٢).
(٢) وهو سؤال بمعنى الإخبار بمعنى: أخبروني. ويجوز نقل حركة همزة الاستفهام إلى لام "قل" وتحذف الهمزة تخفيفًا وهي قراءة ورش وهو تسهيل مُطرد.
[الكشف (١/ ٤٣١)، البحر (٤/ ١٢٥)].
(٣) في الأصل: (بأقباسًا كأخذ)، وفي "أ": (بالناس كأخذه).
(٤) يقصد قوم نبي الله يونس -عليه السلام-.
(٥) هذا التفسير غير سليم فيما يظهر، فإنما يقصد بالتضرع لله واللجوء إليه ويكون تقدير الكلام: فَهَلاَّ إذ جاء بأسنا هؤلاء الأمم المُكَذِّبَة رسلها الذين لم يتضرعوا عندما أخذناهم بالبأساء والضراء تضرعوا فاستكانوا لربهم وخضعوا لطاعته فيصرف ربهم عنهم بأسه، وهذا اختيار وتقدير ابن جرير في تفسيره (٩/ ٢٤٣).


الصفحة التالية
Icon