القوم ليطمئنوا إليها بإظهار الموافقة فيرجعوا برجوعه، ومثله يتصور في الشرع كالتقية، وعن بعض الحواريين نحو هذا، وقيل: إنه قول نظن والذي من مقدمات اليقين ويترتب اليقين عليه معفو عنه، إذ هو من خير الخواطر، ولكن الظن المذموم هو الظن اللازم وبعد اليقين، ﴿رَبِّي﴾ خالقي وفاعلي، وقيل: مدبري وسيدي بإذن الخالق الفاعل القديم الأول، ﴿أَفَلَ﴾ غاب وإنما قال: ﴿لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾ لأن الأفول يدل على اضطراب التدبير أو يدل على حدوث ﴿الْقَمَرَ﴾ النجم المختص بالإمحاق وهو أحد النيرين.
﴿بَازِغًا﴾ طالعًا، وقوله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي﴾ يدل أنه كان يعرف الله تعالى على قضية العقل حق معرفته، ويعلم أن التوفيق منه ولا حول ولا قوة إلا به وإن كانت الشبه تخطر بباله فيتكلم (١) بها، ويدل أيضًا أن غير المهدي يكون ضالًّا كافرًا وإن لم تبلغه الدعوة.
﴿هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ﴾ يدل على أنه لا يعرف الشمس وإلا لقال: هذه، ويدل على أن الكبرياء والعظمة من صفة الربوبية (٢) على الإجمال، ﴿يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ يدل على أن الله تعالى تفضل عليه وهداه وأزال عنه الشبه جزاءً لاجتهاده وإلا لما كان للشبه موضع.
﴿وَجَّهْتُ﴾ توجيه الوجه إلى الله هو الإقبال على مرضاته، ﴿حَنِيفًا﴾ نصب على الحال.
﴿وَقَدْ هَدَانِ﴾ الواو للحال، ﴿وَلَا أَخَافُ﴾ كلام مستأنف جوابًا لتخويف سبق منهم، ﴿شَيْئًا﴾ أي: خوفًا يقضيه الله عليّ ﴿تَتَذَكَّرُونَ﴾ الذكر الذي أذكركم (٣) به من الآيات.
﴿وَكَيْفَ أَخَافُ﴾ استفهام دخل على شيئين بمعنى الإنكار خوف إبراهيم وأمن المخاطبين، ﴿أَنَّكُمْ﴾ أي: بأنكم أو لأنكم لما وقع الإفحام

(١) في الأصل: (فينظم) وهو خطأ.
(٢) من قوله: (لا يعرف) إلى هنا: ليست في "أ".
(٣) في الأصل: (إذا ذكركم).


الصفحة التالية
Icon