﴿هَلُمَّ﴾ تعال وأقبل (١)، وإذا قلت: هلم كذا فمعناه هاته يجري مجرى الحروف، ﴿شُهَدَاءَكُمُ﴾ أي: يأتوا بشهداء عدول من غير أنفسهم فإنهم مدعون، فلو قامت دعواهم مقام الشاهد لكان الشيء المشكوك فيه حجة لنفسه وهذا لا يكون إلا بالإعجاز، ولذلك قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾.
﴿إِمْلَاقٍ﴾ إعدام وإعسار، و ﴿الْفَوَاحِشَ﴾ جميع المعاصي، وقيل: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ نكاح المحرمات والزنا، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ اتخاذ الأخدان، وقيل: ﴿مَا ظَهَرَ﴾ فعل الجوارح، ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ فعل القلب، ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ القصاص، قتله الولي وكذلك المرجوم.
﴿إِلَّا بِالَّتِي﴾ بالجهر التي هي أحوط، والخصلة التي هي أحسن ﴿أَشُدَّهُ﴾ جمع شد (٢) وأشد الرجال ما بين خمس عشرة إلى ثمان عشرة سنة حتى أربعين سنة و ﴿الْكَيْلَ﴾ اسم لوعاء مقدر يقدر به الحبوب، ورفع الجناح فيما يتعذر حفظه من الحبات والقراريط في الكيل والوزن، ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ﴾ أي: شهدتم، (عهد الله) شرائع الإسلام، وقيل: اليمين المعقودة باسمه.
ولغة أهل الحجاز أكثر استعمالًا ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ [الأحزَاب: ١٨].
[معاني القرآن للزجاج (٢/ ٣٠٣)، إعراب القرآن للنحاس (٢/ ٥٩٠)، الدر المصون (٥/ ٢١١)].
(٢) أي: أنَّ الأَشُدَّ جمع شَدٍّ، كما الأَضُرُّ جمعُ ضَرٍّ، وكما الأَشُرُّ جمع شَرٍّ، والشَّدُّ: القوة، وهو استحكام قوة شبابه وسِنِّه كما يطلق شَدُّ النهار على ارتفاعه وامتداده كقول عنترة:
عهدي به شَدَّ النهارِ كأنَّما | خُضِبَ اللَّبانُ ورأسُهُ بالعِظْلِمِ |