﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ لما اعترفا بقبح أفعالهما وتعرضا للمغفرة واعتقدا الخسران لم يغفر الله (١) لهما وسكتا عن الاحتجاج بالمشيئة، والتقدير استوجبا المغفرة في حكم الله تعالى.
﴿قَالَ فِيهَا﴾ أي في الأرض (٢) ﴿تَحْيَوْنَ﴾.
﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ﴾ لما ذكر الله تعالى قصة آدم -عليه السلام- كيف بدت سوأته وكيف طفق يخصف عليه من ورق الجنة ذكر فتنة الجسمية على نبيه في ورق (٣) اللباس ليشكروه على ذلك وليستنوا بسُنّة أبيهم في ستر العورة، وإنما (٤) قال ﴿أَنْزَلْنَا﴾ لأن تركيب (٥) النبات والحيوان من الأصول الأربعة فالثلاثة منها منزلة في المشاهدة والحرارة والماء والريح أو المكان التقدير والكتابة في اللوح المحفوظ وذلك في السماوات كانت الأعيان في الأرض نظيره (٦)، قوله: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾ [الذاريات: ٢٢] أو لمكان الإلهام بالنسج والاكتساء، والإلهام يجيء مجيء الروح وذلك من فوق أو لتفخيم شأن الإعطاء ولذلك سُميت يد المعطي اليد العليا ويد السائل اليد السفلى، (اللباس) كالمئزر الثخين و (الريش) هو لباس الرفاهية والتجمل، ومنه سمي الحدث الرايش رايشًا وهو من ملوك حمير (٧) ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ الريش لأن الإنسان يتعفف به ليحسب غنيًا، وقيل: ما يستر مواضع الشهوة

(١) (الله) من "أ" "ي".
(٢) في الأصل (بالأرض).
(٣) في "ب": (رزق).
(٤) في "ب": (وإنما قال إنما أنزلنا..).
(٥) في "أ": (أنزلنا لتركيب).
(٦) إسناد الإنزال إلى اللباس إِما لأن أنزل بمعنى خلق كقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾ [الحديد: ٢٥] وقوله: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزُّمَر: ٦]، وأما ما ذكره المؤلف مما يسميه أهل العلم التدريج وذلك أنه ينزل أسبابه كالماء الذي هو سبب النبات.
(٧) ذكره الزمخشري في "الفائق" (٢/ ٦٠) وقال: (الحارث الحميري الرائش لأنه أول من غزر فراش الناس بالغنائم).


الصفحة التالية
Icon