القول: مضمر وتقديره: قيل لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة بشفاعته. وقال ابن عباس: "أصحاب الأعراف قوم ينتهى بهم إلى نهر يقال له الحيوان جانباه قصب الذهب مكلّل بالدرّ فيغتسلون فيه ويخرجون وفي نحورهم شامة فيعودون فيغتسلون فيزدادون بياضًا وحسنًا، فيقال لهم: تمنوا، فيتمنون ما شاؤوا فيقال لهم: لكم سبعون ضعفًا، فهم مساكين أهل الجنة" (١) وعلى قضية تأويل عليّ هذا القول قول أصحاب الأعراف لأصحاب الجنة قبل دخول الجنة.
﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ من الأشربة والطعام، وإنما استعمل الإفاضة على الجميع وإن كان فيه ما لا يتصور إفاضته على سبيل الإشباع كقوله: ﴿أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾ [البقرة: ٢٤٦]. وقال الشافعي (٢):

إذا ما الغانيات برزن يومًا وزججن الحواجب والعيونا
وإنما لم يقولوا لا نفيض لأن فيه شمة بخل، ولكنهم ذكروا وجه المنع وعلته ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ من كلام الله مَسوق على قوله ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ في أول الفصل وكانوا أي ﴿وَمَا كَانُوا﴾.
﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ﴾ أي (٣) آتيناهم، فصلناه عالمينَ به وبمعانيه ومجازه فصلناه على غير جهل ولا على جهل ﴿هُدًى وَرَحْمَةً﴾ يجوز أن
(١) هذه الرواية ذكرها هناد في "الزهد" (٢٠٠)، وابن جرير (١٠/ ٢١٥)، وابن أبي حاتم (٨٥٠٢). وهو مروي عن عبد الله بن الحارث رواه ابن أبي شيبة (١٣/ ١٢٩)، وهناد في "الزهد" (١٩٨)، وابن جرير (١٠/ ٢١٦).
(٢) هذا البيت لعل الشافعي ذكره على وجه الاستشهاد وإلا فهو للراعي النميري وهو في ديوانه ص ٢٦٩، وهو مشهور عنه. انظر: شرح شواهد المغني (٢/ ٧٧٥)، والخصائص لابن جني (٢/ ٤٣٢)، ولسان العرب (٢/ ٢٧٨)، ومغني اللبيب (١/ ٣٥٧)، وهمع الهوامع (١/ ٢٢٢)، وشرح شذور الذهب، ص ٣١٣، وتذكرة النحاة ص ٦١٧، والنهاية لابن الأثير (٢/ ٥٨٣) وغيرهم.
(٣) (أي) من "أ" "ي".


الصفحة التالية
Icon