﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وقوله: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: ١٢٩] وقوله: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [غافر: ٧].
﴿يُغْشِي اللَّيْلَ﴾ يكسو (١) ظلمة الليل نور النهار ويسترها به، والنور هو المشبه باللباس لأنه عارض طارئ والظلمة هي (٢) الأصل ﴿يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ صفة النهار على سبيل التشبيه أيضًا كأنه طالب الليل مسرعًا في أثره والطلب لا محالة قبل التغشية فهو الإصباح وهو طلوع الشمس، و (التسخير) تصريف الشيء لا (٣) على اختياره ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ الفعل والقول ليس للخلق بأمر (٤) ولا الأمر بخلق.
﴿بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ الهاء عائدة إلى الأرض، وإصلاحها وضع الميزان فيها وإنزال الكتاب إلى أهلها، و (الخوف) من قضية الهيبة و (الطمع) من قضية حسن الظن بالله، فالله تعالى عزيز لا يوازيه عزيز، كريم لا يضاهيه كريم ليس يعرفه من لا يهابه خائفًا ولا يحسن الظن به راجيًا، كما لا يعرف السرور من لا يرضاه ولا يعرف الحزن من لا يكرهه، وإنما قال ﴿قَرِيبٌ﴾ لاعتبار المعنى وهو الفعل.
﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا﴾ منتشرة في الآفاق فإن كانت فاعلة فإنها تنشر السحاب بإذن الله وبشارتها أداؤها حروف الكلم إلى الاستماع بإذن الله، ويحتمل أنها إيهام ما جرت به العادة في العلم من الحوادث السارة والضارة تتبع الرياح المختلفة ﴿أَقَلَّتْ﴾ استقلت وحملت، و (السحاب) اسم جنس واحدتها سحابة، و (الثقال) جمع الثقيل كالغلاظ جمع الغليظ، وإنما وصف السحاب الثقال على اعتبار الجمع وهو لغة

(١) في الأصل (يكسر).
(٢) في "ب" "ي": (هو).
(٣) في "أ": (تصريف الشمس على).
(٤) في "ب": (الخلق بالأمر).


الصفحة التالية
Icon