تميم ومثله قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] ﴿سُقْنَاهُ﴾ الهاء عائدة إلى السحاب وهو لغة قريش ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ بلفظ الواحد أن كل جمع لا فرق بينه وبين واحدته إلا بالهاء ﴿فَأَنْزَلْنَا بِهِ﴾ أي بالسحاب وبسببه أو بذلك البلد وفيه ﴿كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى﴾ كما أخرجنا النبات، قيل: إن الأرض تمطر بها كالمني أربعين صباحًا بعد الهمدة وهي الرقدة أربعين سنة فيما بين النفختين فينبت الموتى بإذن الله تعالى كما نبتوا في الأرحام (١) بإذنه تعالى ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ﴾ الأرض السهل المنبت الذي طبيعته كريمة ﴿وَالَّذِي خَبُثَ﴾ هي السبخة ونحوها ﴿لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا﴾ لا يخرج نباته إلا عسرًا قليل الخير، وهذا تنبيه على صفة المؤمن الكريم والكافر اللئيم.
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾ ذكر جماعة من أهل العلم بالإنساب والتواريخ أن آدم -عليه السلام- (٢) لما قارب أجله أوحى الله إليه يأمره باستخلاف شيت -عليه السلام- (٢) على ذريته، فقام فيهم خطيبًا بلغته فقال: الحمد لله الذي (٣) خلقني بيده ونفخ فيّ من روحه وأسجد لي ملائكته وعلّمني أسماءه وأسكنني جنته، فمضت مشيئته في معصيتي له وإخراجي من جوارِه، فله الحمد على إقالته عثرتي ورحمته ضعفي وتوبته عليّ ومغفرته لي ومعونته إياي على محاربتي عدوي إبليس وله المنّ في ذلك والطول، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الباقي بعد فنائي وانقراض عمري. عليكم يا بنيَّ بطاعة الله والإنابة إلى أمر الله والرضا بقضاء الله تبارك وتعالى تنالوا بذلك رضوان الله وتأمنوا به سخطه (٤) واجتنبوا طاعة النساء فبئس الشركاء هنّ ولا بدَّ منهن.

(١) هذا يروى عن أبي هريرة وابن عباس كما عند البغوي في تفسيره (١/ ٢٣٨)، وعزاه القرطبي في تفسيره (١٧/ ٥٥) لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٢) (السلام) ليست في "ي".
(٣) (لذي) ليست في الأصل "أ".
(٤) في "ب" بدل (سخطه): (غضبه).


الصفحة التالية
Icon