ثم أخبرهم بعذاب نازل بعد ألف سنة من وفاته وبعد ألفي سنة، وما يتبين في بعض الروايات وكلاهما ممكن لأن بعد الشيء لا يقتضي الاقتران به يجوز الاتصال والانفصال. وأمرهم (١) باحتفاظ جسده إلى أن ينجلي العذاب ثم يدفنوه إلى الأرض المقدسة. وبشر من يتولى حفظ التابوت في (٢) الأرض المقدسة بطول العمر وإرجائه إلى يوم القيامة. واستخلف عليهم شيت -عليه السلام- وودعهم وفرغ من خطبته ومرض من يومه، وسمّى لشيت مكانًا أرسله إليه لعله يلقى الروح الأمين -عليه السلام- (٣) فيستهديه شيئًا من ثمار الجنة، فمضى شيت إلى ثمّ فإذا هو بجبريل -عليه السلام- (٣) ينعى إليه أباه ويعزيه ويخبر بأنهم نزلوا للصلاة عليه، فرجع معهم وغسل أباه وحنطه وكفنه بتعليم جبريل -عليه السلام- (٣). ثم قدم جبريل شيت ليصلي على أبيه وقام جبريل مع الملائكة خلفه.
ثم إن شيتًا أودع أباه تابوتًا (٤) من الساج وتولى الأمر وهو ابن ثلثمائة سنة وتوفي وهو ابن ثمان ماية سنة (٥) واستخلف على قومه قينين فتولى الأمر بعد أبيه وهو ابن خمسمائة سنة وحاربَ الجنّ وأثخن فيهم القتل وتوفي وهو ابن سبعمائة سنة، فمن وفاة آدم إلى وفاة قينين على هذا الحساب سبعمائة سنة، فكأنه كان قد ولد يوم وفاة آدم (٦)، والله أعلم أهذه السنون شمسية أم قمرية أم كان الناس يحسبون في ذلك الزمان مدة مسير

(١) في "ب ": (وأمره).
(٢) في الأصل و"أ": (إلى).
(٣) (السلام) ليست في "ي".
(٤) (تابوتًا) كتبت في الأصل خطأ.
(٥) (سنة) ليست في "ي" "أ".
(٦) لم أجد هذه الرواية بعينها ولكن هناك روايات عن وفاة آدم عند ابن كثير في "قصص الأنبياء" (٦٠) عن محمد بن إسحاق. وكذلك هناك رواية عند عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد المسند"، وبعضه عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (٧/ ٤٥٩)، وكلها أسانيد ضعيفة غير ثابتة. ومعروف في كتب السير والتواريخ أن آدم عهد إلى ابنه شيث وأن شيتًا عهد إلى ابنه أنوش وهذا عهد إلى قينين، وهي من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذّب.


الصفحة التالية
Icon