التباغي والتحاسد ففرقهم خمس فرق: أسكن (١) أولاد شيت بالعراق وسيّر الفِرَق الأربع (٢) إلى مهبّ الرياح الأربع وأمّر عليهم زعموا ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا وهم رجال صالحون، فلما درج مهلاييل ودرجوا من بعده، اتخذ الناس تماثيل على صورهم يسكنون إلى رؤيتها. ثم طال الزمان وانتشأت الذرية على ذلك فاعتادت وعبدت التماثيل وبقي الناس فوضى لم يملكوا أحدًا ولم يجمعوا أمرهم.
وكان مهلاييل قد ولد له اليارد (٣) ولليارد لأخنوخ وهو إدريس النبي (٤) -عليه السلام- (٥)، ولم يبلغنا كمية بقاء مهلاييل واليارد في الدنيا ولا سمعنا في ولد أخنوخ -عليه السلام-، قالوا وولد أخنوخ متوشالخ على رأس ثلثمائة سنة من عمره فلما بلغ ثلثمائة وخمسًا وستين رفعه الله مكانًا عليًا، وكيفية قصته تأتي في موضعها إن شاء الله.
وولد لمتوشالخ لمك (٦) وللمك نوح -عليه السلام- (٥) فأرسله الله إلى قومه وهو ابن مائتين وخمسين سنة، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا بعد الدعوة أو مع ما مضى قبل الدعوة، وعاش ثلاثة قرون فيهم فلم يجبه إلا ثمانون شخصًا من رجل وامرأة، كان الرجل من الكفار يحمل ولده إلى نوح -عليه السلام- (٥) فيريه إياه ويقول: يا بني لا يفتننك هذا الشيخ المجنون عن دينك ودين آبائك (٧)، فلما ضاق ذرعًا دعا على قومه ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] فاستجاب الله دعاءه وأمره بغرس الشجر شجر

(١) المثبت من "ب" فقط وفي غيره (أمسك).
(٢) في "ب": (الرابع).
(٣) ذكر الطبري (١/ ١٠٣): (فولد مهلائيل يرد وهو اليارد) وقد جاءت المصادر مرة باسمه (اليارد) ومرة (اليرد).
(٤) (النبي) ليست في "ب".
(٥) (السلام) ليست في "ي".
(٦) وفي بعض المصادر (لامك).
(٧) ابن عساكر في تاريخه (٦٢/ ٢٤٣ - ٢٤٥) من طريق إسحاق بن بشر وهو صاحب كتاب "المبتدأ" ذاهب الحديث كما وصف الذهبي.


الصفحة التالية
Icon