مسيلمة: ويْحَكم هذا الكلام لم يخرج من أل (١)، فاعترفوا له بالاغترار والخسران والإدبار.
﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ﴾ نزلت في النضر بن الحارث أيضًا وأصحابه (٢)، فلم يمطر بالحجارة ولكن قتل صبرًا يوم بدر فذاق العذاب الأليم (٣)، قال أبو عبيدة: يقال في العذاب (أمطر) وفي الرحمة (مُطر) (٤).
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ﴾ كأنهم لما دعوا بهذا الدعاء ولم يمطروا ولم ينزل بهم عذاب ازدادوا جرأة واتهام رسول الله - ﷺ -، وكان المؤمنون تعجبوا بتأخير العذاب بعد دعائهم هذا، فبين الله تعالى وجه تأخير العذاب عنهم فإن الله تعالى لم يعذب قومًا قط حتى خرج نبيهم من بينهم كانت هذه سنته في الأمم الخالية ﴿وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ فهم الذين سبق علم الله فيهم أنهم سيؤمنون ويستغفرون؛ هكذا عن ابن عباس (٥) في بعض الروايات، وقال قتادة والسدي وابن زيد (٦): أنه على وجه الترغيب لهم في الإيمان والاستغفار.
﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ الآية في إثبات العذاب وتحقيق نزوله بهم عند ارتفاع المعنيين. ﴿وَمَا لَهُمْ﴾ أي: أي شيء لهم من الحجة والعذر أن لا يعذبهم بالاستئصال (٧) لتلك الحجة أو لذلك العذر، فما خبر عن

(١) قول الصديق ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" (٦/ ٣٢٦).
(٢) عزاه إليه القرطبي في تفسيره (٨/ ٢٨٥)، وقال: رواه ابن إسحاق ومقاتل، وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير (٥/ ١٣) لمقاتل، وذكره ابن جرير (١١/ ١٤٥) عن عطاء.
(٣) وقيل: نزلت في أبي جهل وهو القائل بهذا؛ قاله أنس بن مالك. أخرجه البخاري في صحيحه (٤٦٤٩)، ومسلم (٢٧٩٦)، والبغوي (٩٩٧) كلهم من حديث أنس بن مالك.
(٤) نقله عنه ابن قتيبة في "أدب الكاتب" (٣٣٤)، والقرطبي (٧/ ٣٤٩).
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ١٥٥)، وابن أبي حاتم (١٦٩٢)، والنحاس في ناسخه ص ٤٦٤، وذكره ابن الجوزي في تفسيره (٣/ ٣٥٠) عن ابن عباس.
(٦) وجدنا رواية السدي فقط رواها ابن أبي حاتم (٥/ ١٦٩٢، ١٦٩٣).
(٧) في الأصل: (والعذر لا يعذبهم الله أن لا يعذبهما بالاستيصال).


الصفحة التالية
Icon