ويمنعونهم عن الانتشار، ويحتمل أن الضرب على الوجوه للتعذيب لا بمعنى آخر، والضرب على الأبدان للسوق (١) والحشر (٢).
﴿ذَلِكَ﴾ إشارة إلى قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ أو إلى تعقب المؤاخذة وترك المعاجلة.
﴿لَمْ يَكُ﴾ لم يكن، وإنما اختص الكون بالإخبار لاقتضائه الآنية العامة، وإنما سقطت النون لأنها تشبه حروف المدّ واللين في خفائها (٣) فجاز سقوطها بالجزم، والمراد بـ (النعمة) سوى نعمة التوفيق والشكر، وقيل: نعمة التوفيق داخلة فيه لأن الله لا يخذل ولا يمنع التوفيق إلا مع سوء الاختيار، لا يتقدم هذا على ذلك ولا ذاك على هذا ﴿مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ على أنفسهم من الشكر، فتغيير الشكر تبديله بالكفر، وقيل: ما بأنفسهم عند أنفسهم من النعمة، وتغييرهم إياها تسبيبهم لزوالها، والتغيير تبديل الكيفية في الحقيقة إلا أنه يستعمل في تبديل الأعيان مجازًا، كما يقال انقلب الترح فرحًا، والبكاء ضحكًا.
وإنما كرر التشبيه بدأب آل فرعون الحث على الاعتبار، وإنما عيّن فرعون وأهله بالغرق لأنه أشد استفاضة من أخبار عاد وثمود والذين من قبلهم.
﴿فَهُمْ﴾ الفاء لتعقيب امتناعهم في الحالة الثانية كفرهم في الحالة الأولى.

(١) في الأصل: (الأدبا)، وفي الجميع: (الأبدان للشوق) وكلاهما خطأ.
(٢) أي أن الملائكة حين تقبض أرواح الكفار فتنزعها عن أجسادهم تضرب الوجوه منهم والأدبار - وهي الأستاه - ويقولون لهم: ذوقوا عذاب النار، وكان ذلك يوم بدر، ولذا ورد في مراسيل الحسن قال رجل: يا رسول الله، إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشِّراكِ! قال: ما ذاك؟ قال: "ضرب الملائكة".
[أخرجه الطبري في تفسيره مرسلًا عن الحسن (١١/ ٢٣٠)].
(٣) في "أ": (إخفائها).


الصفحة التالية
Icon