المشركين فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله عوضًا لهم (١)، قال الطحاوي: العوض هي الجزية المذكورة بعد هذه، وقال الفراء: العوض هو خصب تبالة وحرش أسلموا وحملوا طعامهم إلى مكة (٢)، (النجس) شيء مستقذر وإذا قرنت به الرجس كسر النون قيل رجس نجس، ﴿عَيْلَةً﴾ فقرًا، ووجه تعليق الموعود بالمشيئة تصور موت كثير منهم قبل إنجاز الوعد وتصور فقر كثير منهم مع وجود الشرط وهو خوف العيلة بسائر أسباب الفقر وكل ذلك بتقدير الله.
﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ﴾ عامة في قتال أهل الكفر، وتقديرها: والذين لا يحرمون والذين لا يدينون، وقد خرج عن عمومها النساء والذرية والمشايخ غير ذوي الرأي والعميان والزمنى (٣) والأساقفة والرهبان الذين وقع الأمن من جهتهم، قال علي: كان رسول الله (٤) إذا بعث جيشًا من المسلمين قال: "انطلقوا بسم الله في سبيل الله" إلى أن قال: "ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً ولا شيخًا كبيرًا" (٥).
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله - ﷺ - إذا بعث جيوشه قال: "اغزوا بسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع" (٦)، وكذا أبو بكر الصديق إلى يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة حين بعثهم إلى الشام (٧)، ويحتمل أن الآية خاصة في المقاتلين دون من وقع الأمن من

(١) ابن أبي حاتم (٦/ ١٧٧٧).
(٢) قول الفراء مروي قريب منه عن عكرمة كما عند القرطبي (٨/ ٩٥).
(٣) (والزمنى) بياض في "أ".
(٤) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٥) عبد الرزاق في مصنفه (٩٤٣٠)، وابن أبي شيبة (٦/ ٤٨٣)، وسعيد بن منصور (٢٤٧٦)، وتمام في فوائده (٢٠٠)، وابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ٢٣٣).
(٦) أحمد (١/ ٣٠٠)، والطبراني في الكبير (١١٥٦٢)، وفي الأوسط (٤١٦٢)، وأبو يعلى (٢٥٤٩)، والحديث حسن.
(٧) ورد ذلك في وصية أبي بكر لجيش أسامة كما في الطبري في تاريخه (٢/ ٢٤٦)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢/ ٥٠).


الصفحة التالية
Icon