والظهور يمنع راحة الاضطجاع. ﴿هَذَا﴾ أي: يقال لهم: ﴿هَذَا مَا كَنَزْتُمْ﴾ (١).
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ﴾ اتصالها بما قبلها من حيث الإنكار على الأحبار (٢) والرهبان وذكر صدهم عن سبيل الله، فمن جملة صدهم عن سبيل الله (٣)، أنهم وجدوا الزمان المشتمل على المشهور الاثني عشر قاصرًا عن الاشتمال على الفصول الأربعة، نقلوا عن مواضعها بعد ما كانت معلقة بالقمر، أما اليهود فجعلوا السنة المجبورة ثلاثة عشر شهرًا وكرروا السنة التاسعة عشر جامعة لكسوره (٤) المجتمعة من الشرعيات، وسمّوا الشهر الزائد آذار فكان لهم في السنة المجبورة آذاران (٥) (٦)، أما السريانيون فجعلوها تشرين الأول زائدًا بيوم والكانون الأول زائدًا والكانون الآخر زائدًا وجعلوا شباط ثمانية وعشرين في ثلاث سنين وتسعًا وعشرين يومًا في السنة الرابعة (٧)، فاستدركوا بهذا الحساب أوقات زرعهم وتجارتهم وضربهم في الأرض، وأبطلوا مناسكهم وأعيادهم ومواسم دينهم فضلُّوا وأضلُّوا بتركهم مصالح معاشهم فأنكر الله ذلك عليهم وأخبر أن الشهور في كتاب الله ﴿اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾، ﴿يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ ودور الأفلاك وسير الشمس والقمر والنجوم في بروجها، فتبين أنّ الشهور معلقة بالقمر لا محالة، وإلى هذا ذهبت العانانية (٨) من اليهود فاتخذوا رؤوس شهورهم

(١) في الأصل: (كفرتم).
(٢) (على الأخبار) ليست في "أ".
(٣) (فمن جملة صدّهم عن سبيل) ليست في "أ".
(٤) في الأصل "ب": (لكسور).
(٥) في الأصل: (إذاء وإن كان).
(٦) هذه أسماء المشهور الشمسية التي لا تزال مستعملة في بعض البلاد العربية كالعراق والأردن وغيرها.
(٧) وتسمى اليوم السنة الكبيسة.
(٨) هذه الفرقة اليهودية ذكرها ابن حزم في كتابه: الفصل في الملل والنحل (٢/ ٦)، والأحكام (٥/ ١٥٠).


الصفحة التالية
Icon