﴿مَا كَتَبَ اللَّهُ﴾ هو أن يرزقهم إحدى الحسنيين إما بالنصرة والغنيمة وإما التمحيص والشهادة في كل جهاد لا محالة (١).
﴿بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ من عند الله ما يرسل عليهم في الدنيا من الشدائد ليجعلهم نكالًا ثم يسوقهم إلى عذاب النار وإما يصيبهم الله بأيدينا) الحدُّ والتعزير في الجنايات والحبس في التهم والقتل على ظهور الكفر منهم (٢)، ﴿فَتَرَبَّصُوا﴾ تهديد.
﴿قُلْ أَنْفِقُوا﴾ ابن عباس: نزلت في جدّ بن قيس حيث قال: ﴿ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي﴾ [التوبة: ٤٩] هذا مالي خذ منه ما شئت فإني أعينك به (٣)، وقوله: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا﴾ في معنى الشرط (٤) كقوله: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] وقال أبو الدرداء وجدت (أخبرُ تَقْلِه) (٥)، وفي المثل: (عش رجبًا (٦) تر عجبًا) (٧).
ويجوز أنه إنما لا تقبل نفقاتهم، ﴿طَوْعًا﴾ لأن النفقة لا تكون قربة

(١) وهذا قول الزجاج، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ما قضى علينا. [زاد المسير (٢٦٦/ ٢)].
(٢) وهذا معنى قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: ﴿بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ [التوبة: ٥٢] بالموت، ﴿أَوْ بِأَيْدِينَا﴾ [التوبة: ٥٢] قال: القتل. أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٤٩٧).
(٣) ابن جرير (١١/ ٤٩٩).
(٤) قاله أبو جعفر النحاس وأنه أمر معناه الشرط والمجازاة، والتقدير: إن أنفقتم طائعين أو مكرهين فلن يتقبل منكم، ومثله قول الشاعر وينسب إلى كثير عزة:
أسِيئِي بنَا أو أحسني لامَلُومَةٌ لدينا ولامَقْليَّةٌ إِنْ تَقلَّتِ
[إعراب القرَآن للنحاس (٣/ ٢٤)، ديوان كثير عزة (ص ١٠١)].
(٥) هذا حديث ضعيف غير ثابت، وانظر: "العلل المتناهية" لابن الجوزي (٢/ ٧٢٣)، و"الفوائد المجموعة" للشوكاني (٢٥٩)، والسلسلة الضعيفة للألباني (٢١١٠) ومعناه: (أي: كلما خبرت الناس ووثقت بهم هجرتهم وتركتهم وقليتهم) وقد جرى هذا اللفظ مجرى الأمثال.
(٦) في الأصل و "أ": (عجبًا).
(٧) انظر: "مجمع الأمثال" (١/ ٥٧) (٢/ ١٦)، وشرح كتاب الأمثال (٤٦٤).


الصفحة التالية
Icon