﴿مَا بَالُ﴾ وما شأن، سؤال عن حال وأمر تقديره: ما بالهن إذ قطعن أيديهن.
﴿إِذْ رَاوَدْتُنَّ﴾ أسند إليهن قبل اعترافهن لأنهن كن قد تعاون وتظاهرن (١) في المراودة، ولذلك اختار السجن، وكان الأمر قد فشا في البلد واستفاض ولكن لا يعلمون هل مال إليهن يوسف أم لا؟ وهل أطاع بعضهن أم لا؟ فكان السؤال لاستبانة هذا المستتر فبرأنه و ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ و ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ ظهر وتبين الحق أي (٢) حقيقة الأمر.
﴿ذَلِكَ﴾ أي توقفي في السجن ومطالبتي بالسؤال إنما كان ﴿لِيَعْلَمَ﴾ الملك ﴿أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ بتحريف (٣) الغيب الذي أوحاه الله إليّ في تأويل رؤياه كما لم أخن العزيز، أو ليعلم العزيز أني لم أخنه في امرأته في ظهر الغيب (٤)، وقيل: إنه من كلام المرأة، أي أعترف (٥) بالمراودة ليعلم يوسف أني لم أخنه بظهر الغيب في الافتراء عليه، إلا أنه يشكل بقوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ بفتح الهمزة فإنه معطوف على المعلوم الأول وذلك لا يكون إلا من يوسف.
(٢) (أي) من الأصل و"أ".
(٣) في "ب" كتبت كلمة غريبة.
(٤) يجوز أن يكون القائل هو يوسف وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك، وجائز أن تحكى عن شحص شيئًا ثم تصله بالحكاية عن آخر، ونظير هذا قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ﴾ [الأعرَاف: ١١٠] هذا قول الملأ ثم قال: ﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ [الأعراف: ١١٠] قول فرعون. ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾ [النمل: ٣٤] هذا قول بلقيس، ثم قال ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [النمل: ٣٤] هو من قول الله تعالى. ومنه أيضًا: ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥٢] هذا قول الكفار، ثم قال: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴾ [يس: ٥٢] هو من قول الملائكة. لذا فإن قوله: ﴿أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يُوسُف: ٥١] هو من قول امرأة العزيز، ثم قال تعالى بعده: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ [يُوسُف: ٥٢] وهو من قول يوسف.
(٥) في "ب" "ي": (اعتراف).