﴿فَمَا جَزَاؤُهُ﴾ حكمه وحده والهاء عائد إلى الفعل وهو السّرق، إنما سألهم يوسف ليحكموا بشيء فيأخذ بحكمهم ولا يأخذ بحكم أهل مصر.
﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ﴾ أي السرقة، وحدُّها هو حبس ﴿مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ﴾ واسترقاقه ﴿نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ فما بينا شريعتنا، (الوعاء): الظرف، والمراد به الجوالق، وإنما بدأ بأوعيتهم لئلا يعلموا بأنه حيلة ﴿اسْتَخْرَجَهَا﴾ أي الصاع وهو يذكر ويؤنث.
﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ في سلطان الملك (١) وطاعته إلا بمشيئة الله، قيل: شاء الله ذلك وأذن له فيها بإلهامه الكيد، ويقال: لم يشأ الله ذلك ولذلك وفقه لسؤال إخوته ﴿فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ﴾ فأخذ بقولهم وحكمهم دون حكم الملك.
﴿فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ﴾ يعنون يوسف، وهب: أنه خبأ طعامًا من المائدة للفقراء وكان صبيًا (٢)، كعب: رفع عناقًا عن السائمة إلى السائل، قتادة وابن جبير: سرق (٣) صنمًا كان لأبي أمه في بيت يعقوب فألقاه بين الجيف وغطاه في التراب، مجاهد (٤): أن عمّته رحمة بنت إسحاق احتضنته بعد موت أمه، فلما شب ألفَتْه ولم تحب أن ينتزعه يعقوب -عليه السلام- منها، فشدت على وسطه من تحت القميص منطقة أبيها، ثم افتقدتها فأوهمت أنها وجدته عند يوسف وأنه كان استرقها، فأمسكته عند نفسها بهذه
(٢) رواه عطاء عن ابن عباس كما في زاد المسير (٤/ ٢٦٣)، ورواه عن عطية كما عند ابن جرير (١٣/ ٢٧٣).
(٣) أما عن سعيد بن جبير فذكره ابن جرير (١٣/ ٢٧٢، ٢٧٣)، وابن أبي حاتم (٧/ ٢١٧٧)، وأما عن قتادة فرواه ابن جرير (١٣/ ٢٧٣)، وهو مروي عن زيد بن أسلم وابن عباس.
(٤) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٣٦٣).