﴿سَوْفَ﴾ (١) عند مطالبتهم إياه به، والانتفاع من المصلحة، وهذا مَثَل في وقار المشايخ، (دخلوا عليه) في ناحيته ومعسكره، وكان قد استقبلهم في الطريق واستقبلهم فرعون كذلك إكرامًا ليوسف، والمراد بأبويه أبوه وخالته (٢) وهي بعض إخوته، ولفظة ﴿ادْخُلُوا﴾ على معنى الخبر كقول الشاعر (٣):
... لدوا للموت وابنوا للخراب
ولذلك دخله الاستثناء، وقيل: الاستثناء للأمن لا للدخول،
﴿آمِنِينَ﴾ نصب على الحال، وذكر الأمن لئلا يظن إخوته أنهم يكونون في مصر كالأسارى والأرقاء.
﴿أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ ذكر السجن ولم يذكر البئر لأن البئر كانت سجنًا كذلك فالاسم مشتمل عليهما، وقيل: لئلا يخجل إخوته ﴿مِنَ الْبَدْوِ﴾ البادية، ﴿لَطِيفٌ﴾ ملطف (٤) ﴿لِمَا يَشَاءُ﴾ من الأعمال، وقيل: رقيق العمل لما يشاء (٥) قوله: ﴿آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ اعتراف بالنعمة وسكن (٦) للمنعم، وقوله: ﴿أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ توكل على الله وانقطاع إليه، وقوله: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾ تقرب إلى الله بسؤال ما

(١) في الأصل: (لسوف).
(٢) هذا صحيح لأن أهل السير ذكروا أن والدة يوسف توفيت قديمًا، كما قال ابن عباس والجمهور، وممن قال أنها الخالة وهب كما عند ابن أبي حاتم (٧/ ٢٢٠١)، وسفيان بن عيينة كما في الدر المنثور (٨/ ٣٣٩).
(٣) هذا البيت لأبي العتاهية وهو في ديوانه ص ٣٣، وقيل: لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كما في خزانة الأدب (٩/ ٥٢٩) ولفظ البيت:
لِدُوا للموتِ وابنوا للخراب فَكُلُّكمُ يَصِيْرُ إلى ذهابِ
(٤) قال الأزهري: اللطيف من أسماء الله تعَالى ومعناه: الرفيق بعباده، وقد تجلى لطف الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليوسف في عدة مواطن منها أنه أخرجه من السجن وجاء بأهله من البدو وأنه نزع من قلبه نَزْغ الشيطان وتحريشه على إخوته.
[تهذيب اللغة (لطف)، تفسير الطبري (١٣/ ٣٦٤)].
(٥) في الأصل: (رقيق القلب قوله).
(٦) في "ب": (شكر).


الصفحة التالية
Icon