على الجملة الأولى، وقيل: خفض بالعطف على الكتاب ﴿الْحَقُّ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي ذلك الحق.
﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ جمع عماد كأهَبْ وإهاب على سبيل الخلقة والطبيعة، وقيل: على سبيل القهر والحبس، وقيل: بعمد لا ﴿تَرَوْنَهَا﴾ لأن الفتق بالرياح (١) وهي أجسام غير ملونة ﴿لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ يوم القيامة، وقيل: وقت الغروب وكذلك قوله: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ [يس: ٣٨].
﴿رَوَاسِيَ﴾ هي (٢) الجبال الراسية جعلها الله تعالى للأرض كالأوتاد فهي من السهلة بمنزلة العصب والعظم من اللحم ليعتمد الرخو الصلب فلا تنحل، والصعيد والأرض بتناول السهل والجبل ﴿زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ الذكر والأنثى إن كان المراد بالثمرات ثمرات النفوس (٣) المتشابهات المتجانسات، وإن كان ثمرات النبات، ووجه التأكيد نفي التوحيد كما في قوله: ﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [النحل: ٥١] ويحتمل أن المراد بالزوجين اثنين الرطب واليابس، أو الجيد والرديء، أو المستطاب والمستبشع، أو الريعي والحرفي، أو ما يصلح للناس والدواب.

(١) إذا قلنا إن الضمير في "ترونها" يرجع إلى العمد فإن المعنى يكون: بعمد لا ترونها. وروي هذا المعنى عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
وإن قلنا إن الضمير يرجع إلى السماوات فيكون المعنى ترونها بغير عمد، وهو مروي أيضًا عن ابن عباس، وبه قال الحسن وقتادة والجمهور، وهذا القول هو الذي رجحه الطبري والذي يدل عليه ظاهر سياق الآية، ويدل عليه آية الحج ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحَجّ: ٦٥].
[تفسير الطبري (١٣/ ٤١١)، زاد المسير (٢/ ٤٨٠)].
(٢) في الأصل: (في) وهو خطأ.
(٣) لما ذكر الله الأنهار ذكر ما ينشأ عنها من الزروع والثمار فقال: ﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ... زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ كالحلو والحامض والأسود والأبيض والصغير والكبير والبستاني والجبلي من هذه الثمرات من النبات والحيوان ويدخل فيه الزوجين من الذكر والأنثى، فما ذكره المؤلف داخل في عموم الزوجين المنتفعين بهذه الثمرات.
[تفسير الطبري (١٣/ ٤١٤)، نظم الدرر في تناسب الآي والسور للبقاعي (١٠/ ٢٧٦)، تفسير القاسمي (٦/ ٢٦٠)].


الصفحة التالية
Icon