والتكرار، وقيل: تفجير الينابيع والقنوات والأنهار فيها ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ أفلم يعلم (١)، وقال الفراء: أفلم يقنط (٢) ﴿قَارِعَةٌ﴾ مصيبة (٣) وداهية مثل يوم بدر وهلاك المستهزئين والقحط ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ بدر الصغرى وافتتاح خيبر وفدك وغزوة المريسيع والحديبية ونحوها (٤)، ﴿وَعْدُ اللَّهِ﴾ فتح مكة (٥)، ويحتمل أن المراد بالقوارع إغارة خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة وسعد بن أبي وقاص على تخوم أرض العجم، وإغارة خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهما على أطراف نواحي الروم، وإغارة سائر الغزاة على سائر أطراف بلاد الترك وحلولها قريبًا من دارهم، وشحن الثغور بترتيب الجيوش فيها ووعد الله أن يتم نوره ويظهر على الدين كله ولو كره المشركون.
﴿أَفَمَنْ هُوَ﴾ حذف جوابه اكتفاءً لأنه يدل على الخبر بصفته، تقديره: أفمن هذه صفته كمن ليست هذه صفته، أو فمن هذه صفته خير وأحق بأن يعبد أم من ليست هذه صفته (٦) كقوله: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ﴾ [الزمر: ٩] بالتخفيف
(٢) المعروف عن الفراء أنه فَسَّر قوله: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ [الرعد: ٣١] أفلم يعلم بل قال - كما في معاني القرآن- لم نجدها في العربية إلا على ما فسرت، واستشهد بقول لبيد:
حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا | غضفًا دواجِن قافلًا أعصامها |
[معاني القرآن (٢/ ٦٣)].
(٣) قاله مجاهد رواه الطبري في تفسيره (١٣/ ٥٤٢).
(٤) عامة المفسرين في قوله تعالى: ﴿أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ﴾ [الرّعد: ٣١] أنه النبي - ﷺ - أن ينزل عليهم بجيشه وأصحابه، وهو قريب مما قاله المؤلف روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وعكرمة ومجاهد، أخرجه عنهم الطبري في تفسيره (١٣/ ٥٤١).
(٥) قاله قتادة ومجاهد، أخرجه الطبري في تفسيره (١٣/ ٥٤٢ - ٥٤٣).
(٦) ومثله قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الزُّمَر: ٢٢] والمحذوف تقديره: كمن قسا قلبُه، يدل عليه ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزُّمَر: ٢٢] وإنما حسن حذفه كون الخبر مقابلًا للمبتدأ.