﴿قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ هو تولى كل نفس بتمكينه من كسب ما خلق له وتيسيره ومده في ذلك على سبيل التوفيق أو الخذلان ﴿قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ يجوز أن يكون على سبيل التهديد كقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: ٤٠] والاستفزاز، ويجوز أن يكون على سبيل التحدي بالتعين؛ لأن التعين إنما يكون بالإشارة إلى الذات أو إلى الفعل أو لتحذير الوصف، وكانوا لا يقدرون على شيء من ذلك؛ لأن إشارتهم لو وقعت إلى ذات لوقعت إلى جماد لا يستحق العبادة، ولو وقعت إلى فعل لوقعت إلى أفعال الله تعالى وهم معترفون بذلك، ولو قصدوا تحذيرًا بالوصف لأحالوا كلامهم إلى مجهول، ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ﴾ أم مكان ألف الاستفهام على سبيل الإنكار، أي أتنبئون الله بما خفي عليهم، وقيل: أم بمعنى بل (١)، أي بل تنبئون الله بلا شيء على سبيل الإحالة، ﴿أَمْ بِظَاهِرٍ﴾ بترتيب على (أم) الأولى.
﴿أَشَقُّ﴾ أكثر مشقة وعناء.
﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ صفة الجنة ﴿الَّتِي﴾ وعدها ﴿الْمُتَّقُونَ﴾.
﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ عن ابن عباس أنهم عبد الله بن سلام وأصحابه فرحوا بنزول تسمية الرحمن، وكذلك إشارة ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ والضمير عائد إلى القرآن، وإنما وصف بأنه حكم لتضمنه الأحكام عربيًا بلغة العرب وعبارتهم، ويجوز أن يكون موصوفًا بأنه عربي لمكان الحج والغزو والنحر والحج والقصاص وبيعة الأمانة (٢) والأذان والخطبة، وهذه الأشياء شعار العرب وهم معينون والناس كالأتباع لهم.
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا﴾ نزلت في تعجب المشركين من كون رسول الله بشرًا

(١) "أم" بمعنى بل والهمزة والاستفهام للتوبيخ، والتقدير: "بل أتنبئونه شركاء لا يعلمهم في الأرض" فجعل الفاعل ضميرًا عائدًا على الله، ومثله قوله تعالى: ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [يونس: ١٨].
[الدر المصون (٧/ ٥٧)، البحر (٥/ ٣٩٥)].
(٢) المثبت من "ب"، وفي البقية: (الإمامة).


الصفحة التالية
Icon