فيقولان: لا دريت، ثم كما ينام المنهوش، ويضرب بمرزبة يسمعها من بين الخافقين إلا الجن والإنس، وهو قوله: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ (١) المشركين ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ يثبت الله الذين آمنوا على القول الثابت أو يثبت الله قلوب الذين اَمنوا بسبب قولهم الثابت، أو بتمكنهم من القول الثابت. عن ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ -: "كيف بك يا عمر لو جاءك فتَّانا القبر منكر ونكير ملكان أسودان أزرقان يبحتان الأرض ويطاف في شعورهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف" قال: يا رسول الله أمعي عقيلي وأنا على ما أنا عليه اليوم؟ قال: "نعم"، قال: إذًا أكفيهما بإذن الله، فقال -عليه السلام-: "إن عمر موفق" (٢).
وفائدة السؤال في القبر ما علمه الله تعالى كفائدة أخذ الميثاق، وقيل: في حق المؤمن تتمة ابتلائه بتمحيص إقراره وتوفير ثوابه، أو لتجليته على الملائكة أنه غير معرض عن الله ولا ناس إياه ولو عظمت بلواه، وفي حق الكافر تتمة ابتلائه لقطع أعذاره وتوكيد عقابه.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا﴾ نزلت في رؤساء بني أمية وبني المغيرة يوم بدر (٣)، ﴿وَأَحَلُّوا﴾ حملوهم على الحلول وهو النزول و ﴿دَارَ الْبَوَارِ﴾ الهلاك.
﴿جَهَنَّمَ﴾ بدل من دار (٤) البوار.

(١) تفاصيل ذلك في حديث البراء بن عازب مرفوعًا حين ذكر رسول الله - ﷺ - الكافر قال: "فتعاد روحه في جسده"، قال: "فيأتبه ملكان شديدا الانتهار فيجلسانه فينتهرانه، فيقولان له: من ربك... " الحديث بمثل ما ذكره المؤلف أخرجه الطبري في تفسيره (١٣/ ٦٦٥)، والطيالسي (٧٨٩)، وأبو نعيم في الحلية (٩/ ٥٦)، والبيهقي في عذاب القبر (ص ٢٧).
(٢) البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (١١٧)، وابن أبي داود في "البعث" (٧).
(٣) أخرجه البخاري في تاريخه (٨/ ٣٧٣)، والطبري في تفسيره (١٣/ ٦٦٩) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقوفًا.
(٤) وفيه وجه ثان وهو أن تكون "جهنم" عطف بيان لـ"دار البوار"، وعلى هذين الوجهين فالإحلال يقع في الآخرة، وفيه وجه ثالث: أن ينتصب "جهنم" على الاشتغال بفعل مقدر، وعلى هذا فالإحلال يقع في الدنيا.
[الدر المصون (٧/ ١٠٢)].


الصفحة التالية
Icon