مستقبلًا (١) بنفسه مَعَ طرح الاستثناء، فأمّا إذا لم يستقل لا يجوز إلا بغير واو؛ كقولك: ما أنت إلا بشرًا (٢). ﴿كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ أجل مسمّى.
﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ﴾ نزلت في عبد الله بن أبي (٣) أُمية والنضر بن الحارث وجماعة من قريش (٤)، قيل: على زعمك.
وقيل على سبيل الاستهزاء المجنون المستور قلبه أو دماغه بما يضاد العقل من خيال الجن أو فساد الطبع، وإنما وصفوه بذلك (٥) لخرقه إجماعهم الفاسد وخلافه عادتهم القبيحة.
﴿لَوْ مَا﴾ بمنزلة (٦) لولا (٧) ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾ ظاهرين يعرفون بسيماتهم ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ الملجىء الذي يبطل الرأي والاجتهاد ﴿وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ﴾ إذ (٨) أنزلناهم على هذا الوجه حقّت على قريش كلمة العذاب،

(١) في الأصل و"ي": (مستقلًا).
(٢) القياس أن لا تتوسّط هذه الواو بينهما، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨]، وإنما توسطت في الآية لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، وهذا قول أبي البقاء والزمخشرىّ، ولذا ذهب بعض النحويّين إلى أن هذه الواو مزيدة، واحتجّ بقراءة ابن أبي عبلة "إلا لها"بإسقاط الواو.
[الإملاء (٢/ ٧٢)، الكشاف (٢/ ٣٨٧)، البحر (٥/ ٤٤٥)].
(٣) (أبي) ليست في النسخ، بل هي منّا.
(٤) نقله ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٣٨٣) عن مقاتل.
(٥) (بذلك) ليست في "ب".
(٦) (بمنزلة) ليست في "ب".
(٧) العرب تضع "لوما" موضع "لولا"، وكذلك العكس. ومن ذلك قول ابن مقيل:
لوما الحياءُ ولوما الدين عبتكما ببعض مافيكما إذْ عبتما عَوَرِي
أي: لولا الحياء. وهما يترددان بين المعنيَيْن:
الأول: أنهما حرفا تحضيض.
والثاني: أنهما حرفا امتناع؛ لوجود لكن إذا كانتا للتحضيض فلا يليها إلا الفعل، وإذا كانتا للامتناع فلا يليها إلا الأسماء، هذا ما قرّره نحاة البصرة.
[الدر المصون (٧/ ١٤٣)].
(٨) (إذ) ليست في الأصل و"ب".


الصفحة التالية
Icon