انحدرت من ثم بإذن الله فوقعت على وجه الأرض. ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ مقدور، وقيل: متّزن لكونه مطبوعًا على الفعل والانحدار بخلاف الريح والنار.
﴿وَمَنْ لَسْتُمْ﴾ في محل النصب عطفًا على ﴿مَعَايِشَ﴾ (١) هم الذراري والمماليك والسوائم، وقيل: في محل الخفض عطفًا على الضمير في (لكم)، وهم الأطفال والمجانين والبهائم عندنا في علمنا وحكمنا.
(الرياح اللواقح) التي تحمل الندى والثرى ليتكون غيومًا في أثنائها بإذن الله. وقيل: الملقحات للغيوم والأشجار.
وقيل: هي التي ينتفع بها لما ضمنها الله تعالى من النفع بخلاف العقيم، وهي الدبور، وقيل: اللّواقح ريح واحدة وهي الجنوب وحدها وإنما جمع على الجنس، وقيل: كل ريح أتى بالمطر النافع فهي من جملة اللواقح (٢).

(١) قاله الفخر الرازي في تفسيره، ودفع توهم استعمال "مَنْ" للعقلاء من ثلاثة احتمالات: الأول: أن كلمة "من" مختصّة بالعقلاء، فوجب أن يكون المراد من قوله: ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ [الحِجر: ٢٠] العقلاء وهم العيال والمماليك والخدم والعبيد، فيكون عطف عقلاء على عقلاء.
والوجه الثاني: وهو قول الكلبي: أن المراد بقوله: ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾، الوحش والطير وغيرهما من غير العقلاء، فتكون "مَنْ" مستعملة في غير العقلاء، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ [النور: ٤٥] الآية.
والوجه الثالث: أن هذا من باب التغليب، وأنها تُستعمل لهذا وهذا، وغُلِّبَ العقلاء على غير العقلاء.
[التفسير الكبير للرازي (١٩/ ١٧٢)].
(٢) قال ابن مسعود - رضي الله عنهما - في هذه الآية: يبعث الله الرياح لتلقح السحاب فتحمل الماء وتمجه في السحاب، ومثل هذا المعنى قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الرياح لواقح للشجر وللسحاب، وهو قول الحسن وقتادة والضحّاك. وأصل هذا من قولهم: لقحت الناقة وألقحها الفحل إذا ألقى الماء فيها، فحملت، فكذلك الرّياح.
[التفسير الكبير للرازي (١٩/ ١٧٤)، زاد المسير (٤/ ٣٩١)].


الصفحة التالية
Icon