هذا الخير الذي يدعو إِليه؟ فكانوا يقولون: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا في هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾ فكانوا يسألون ما هذه الحسنة؟ فكانوا يقولون: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ الآية (١).
﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ في التفسير أن نُمرود بن كَنعانَ كان بني صرحًا ببابل يمكر به ويسخر ويهمس (٢)، عن ابن وهب: كان طولهُ في السماء خمسة آلاف ذراع (٣)، وعن كعب: كان فرسخين، فهبت ريح فألقت رأسه وخرّ عليهم الباقي من فوقهم (٤)، ويحتمل أن ذكر البنيان وهدمه على وجه التمثيل والاستعارة كنقض الغزل.
﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ هم الراسخون من جملة المؤمنين يستدلون بهذا الخطاب يوم القيامة أن الكفار المخصوصون بالزجر والإنكار وإدخال النار.
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ استفهام بمعنى اللوم والتقريع.
﴿وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ (٥)﴾ دون أمره وإذنه ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي هكذا احتج بالتقدير عند التذكير ولزوم النكير لرفع التعيير الذين كانوا من قبلهم.
وإنما جاز قوله: ﴿فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي﴾ جزاء الشرط المذكور لما فيه من الإعلام، أي فاعلم أن الأمر على هذه الصورة وبعد هذه الفترة، أي ليبعث الموتى وليبين على طريق المشاهدة.
﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا في اللهِ﴾ عن ابن عباس نزلت في ستة نفر من أصحاب رسول الله - ﷺ - أسرهم أهل مكة بلال بن رباح المؤذن وعمار بن
(٢) عن ابن عباس عند ابن جرير (١٤/ ٢٠٤).
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره (١٠/ ٩٧) عن ابن وهب وعن ابن عباس أيضًا، وزاد: وكان عرضه ثلاثة آلاف.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره (١٠/ ٩٧) عن كعب ومقاتل أيضًا.
(٥) (شيء) من "ب".