﴿فَإِذَا قَرَأْتَ﴾ قصدت قراءة القرآن، اتصالها من حيث إن الاستعاذة من الأعمال الصالحة.
﴿لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ﴾ واستثناء إنما كان له (١) عليهم سلطان لتمكينهم إياه من أنفسهم أول مرة.
﴿بَدَّلْنَا آيَةً﴾ ابن عباس (٢): كان -عليه السلام- إذا نزل عليه آية فيها شدة أخذ الناس بها وعملوا لها ما شاء الله أن يعملوا فيشق ذلك عليهم، فينسخ الله هذه الشدة ويأتيهم بما هو ألين منها وأهون عليهم رحمة من الله لهم، فيقول كفار قريش: والله ما محمَّد إلا يسخر بأصحابه: يأمرهم اليوم بأمر وغدًا بأمر ويأتيهم بما هو أهون عليهم منه، وإنه ليتكذبه ويأتيهم به من عند نفسه، وما يعلمه إلا عياش غلام حُويطب بن عبد العزى ويسار أبو فكيهة مولى ابن الحضرمي وكانا قد أسلما، وكان -عليه السلام- يأتيهما ويحدثهما ويكلمهما وكانا يقرآن كتابهما بالعبرانية فأنزل ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ﴾ الآية يزيد بن رومان: كان بمكة نصراني يقال له جبر، وكان يجلس عند المروة يبيعه له وكان -عليه السلام- يتحدث عنده فتقول قريش: ما يعلِّم محمدًا مما يأتي به إلا جبر النصراني، وقيل: كان يهوديًا (٣) فأنزل ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ﴾.
﴿يَوْمَ﴾ نصب بالغفران والرحمة (٤) ﴿تُجَادِلُ﴾ تدافع وتذب عن نفسها.
عن ابن عباس في قوله: {وَضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً

(١) في "ب": (لهم).
(٢) رواية ابن عباس هذه رواها عنه الكلبي، وهذا إسناد ساقط كما تقدم وذكرها الواحدي في أسباب النزول (ص٥٦٥) دون عزوٍ لقائل. وابن الجوزي في زاد المسير (٢/ ٥٨٣).
(٣) لم نجده عن يزيد بن رومان، لكن ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٤٩٢).
(٤) انتصاب "يوم" بالغفران والرحمة لا يلزم من ذلك تقييد رحمته بالظرف لأنه إذا رحم في هذا اليوم فرحمته في غيره أولى وأحرى، ويجوز أن ينتصب بـ "اذكر" مقدرة؛ قاله السمين الحلبي.
[الدر المصون (٧/ ٢٩٣)].


الصفحة التالية
Icon