كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، وقيل: هي عامة (١) في كل من يدعو على نفسه أو على ولده وأهله في حالة الضمير والغضب فيجتهد في دعائه بالشر كجهده في دعائه بالخير (٢)، واتصالها من حيث ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ فمن التي هي أقوم هو التنبيه على هذه الخصلة المذمومة وهو الدعاء بالشر، ويدعو بغير واو (٣) في محل الرفع: ﴿يَدْعُ الدَّاعِ﴾ [القمر: ٦] وقوله: ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)﴾ [العلق: ١٨] ﴿وَيَمْحُ الله الْبَاطِلَ﴾ [الشورى: ٢٤] لاعتبار حالة الوصل بين سائر الهجاء على اعتبار حالة الوقف لاستحباب الجمع بين الطريقتين، وقيل: المراد بالإنسان ها هنا آدم -عليه السلام- و (العجول) المستعجل (٤).
﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ﴾ (٥) في أنفسهما وآية الليل والنهار الشمس، والقمر ليلة البدر، ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ قال: هو اللطخ الذي هو في القمر، وروي أنه أثر مسحة جبريل، وزعم المنجمون أن جرم القمر كروي ليلي مائي مظلم مصقول وفيه حرارة عرضية بتسخين الشمس إياها (٦).
(٢) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة ومجاهد، أخرجه الطبري في تفسيره (١٤/ ٥١٢) واختاره الزجاج في معانيه (٣/ ٢٢٩).
(٣) قال أبو جعفر النحاس: حذفت الواو في الإدراج لالتقاء الساكنين ولا ينبغي أن يوقف عليه لأنه في السواد بغير واو، ولو وقف عليه واقف في غير القرآن لم يجز أن يقف إلا بالواو لأنها لام الفعل لا تحذف إلا في الجزم أو في الإدراج ولا ألف بعدها وكذا يدعو ويرجو.
[إعراب القرآن (٣/ ٢٣٤)].
(٤) هذا ورد عن سلمان الفارسي عند ابن أبي شيبة (١٤/ ١١٠، ١١١)، وابن جرير (١٤/ ٥١٤)، وابن عساكر (٧/ ٣٨٤)، وكذا ورد عن مجاهد عند ابن أبي شيبة (١٤/ ١١٥).
(٥) في الأصل: (اثنين).
(٦) قوله تعالى: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء: ١٢]، ذهب علي بن أبي طالب وابن عباس - رضي الله عنهما - أن هذا المحو هو اللطخة التي في القمر من الاسوداد، وبه قال مجاهد وقتادة، أخرجه عنهم ابن جرير في تفسيره (١٤/ ٥١٥)، وابن أبي حاتم عن علي - رضي الله عنه - (٧/ ٢٣٢٠) وأما ما ذكره المؤلف أنه أثر مسخه جبريل فقد ذكره القرطبي في تفسيره (١٠/ ٢٢٧).