﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ [آل عمران: ٣١]، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (١١)﴾ [محمَّد: ١١]، وأما قوله -عليه السلام-: "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة" (١) إنما ذلك لترغيب العامة، وقد وعدهم على ذلك عصمة الأموال والدماء غير مرّة.
﴿هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ﴾ [الإسراء: ٢٠] بدل من كل (٢) وهو في محل النصب والمراد به مريدو العاجلة ومريدو الآخرة ﴿مَحْظُورًا﴾ ممنوعًا محبوسًا (٣)، وقال -عليه السلام-: "إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إنّ رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يردُّه كره كاره، إن الله بحكمته جعل الروح والفرح في الرضا واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط" (٤).
﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا﴾ فائدة النظر إلى تفاوت الناس في مراتبهم وقوع العلم بأنها أرزاق (٥)، ﴿وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ﴾ لأنّ خيرها وشرّها موجودان على سبيل الحقيقة دون الابتلاء وعلى سبيل البقاء دون الفناء، ولأنّ شريفها لا يحتاج إلى عمل وضيعها فيشركه في رباعها ومرابيعها، ولا يخاف دس مكر منه إليه فيعود شرفه وبالًا عليه.

(١) يشير إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سأل النبي - ﷺ -: من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: "من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه" أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم (١/ ١٧٣)، والإمام أحمد في مسنده (٢/ ٣٧٣) وله عدة ألفاظ، وأما قول المؤلف: إنما ذلك لترغيب العامة - أي: فيما ترتب على الشهادة من دخول الجنة - فنقول: إن الله رتب دخول الجنة على تحقيق الشهادة حقيقة، فمن قام بحق هذه الشهادة من العامة أو الخاصة وقام بموجبها كان حقًا على الله أن يدخله الجنة كما وعد بذلك، فإن وجد نقيضًا لها لم يستحق ذلك الشرط المترتب عليها وإن تلفظ بها.
(٢) اختاره أبو جعفر النحاس كما في إعرابه (٣/ ٢٣٦).
(٣) في "ب": (محبوسًا وقيل: إن...).
(٤) أبو نعيم في الحلية (٥/ ١٠٦)، والبيهقي في الشعب (٢٠٧)، والحديث موضوع غير ثابت. انظر: السلسلة الضعيفة للعلامة الألباني -رحمه الله- (١٤٨٢).
(٥) من قوله: (انظر كيف) إلى هنا ليست في "ب".


الصفحة التالية
Icon