﴿مَسْتُورًا﴾ ساترًا كقوله: ﴿وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ﴾ [الواقعة: ٣١] ساكب و ﴿يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾ [الإسراء: ١٠١] ساحرًا، وقيل: معناه حجاب لطيف لا يساهون. عبد الحميد بن جعفر عن أبيه: إن المشركين قالوا لرسول الله: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ [فصلت: ٥] مستور، فأنزل على زعمهم مكانها مستقيمة، أي: أو جعلنا.
ثم رد عليهم بقوله: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ﴾ وقال مجاهد (١): الحجاب صرف الله أسماعهم عن القرآن عند تلاوة رسول الله (٢)، وقال كعب الأحبار (٣): ﴿بِهِ﴾ خاص من القرآن، كان رسول الله (٢) إذا قرأ توارى منهم عن ذلك وصرفت أبصارهم عنه، وذكر آيات الحجاب، ﴿إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [الكهف: ٥٧]، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ﴾ [النحل: ١٠٨]، ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: ٢٣]، ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ﴾ منك، ﴿بِمَا يَسْتَمِعُونَ﴾ باستماعهم كيف هو وعلى أي وجه هو حين يستمعون إليك وحين يتناجون ويستمع بعضهم إلى بعض، ﴿إِذْ يَقُولُ﴾ نزل (٤) في قوله: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾.
﴿انْظُرْ﴾ أمر على سبيل التعجب، ﴿ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ فوصفه إياه بما سبق ذكره واختلافهم في وصفه -عليه السلام-.
﴿وَرُفَاتًا﴾ ما تناثر من كل شيء، وقيل: الرفات الشيء المتكسر جديدًا طريًا (٥).
﴿قُلْ كُونُوا﴾ على صفة الأمر والمراد منه الشرط، أي: ستعودون وإن كنتم شيئًا شاقًا صلبًا بعيدًا من التركيب الحيواني القابل للموت والحياة، كقولهم: عِشْ رجبًا ترى عجبًا، (الحديد) هو الجوهر المنطبع المختص.
(٢) في "ب": (رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره عن كعب (١٠/ ٢٦٩).
(٤) في "ب": (نزلت).
(٥) قاله الزجاج.
[معاني القرآن (٣/ ٢٤٤)].