الفراء (١) ويحتمل صفة الفريقين جميعًا، ﴿الْوَسِيلَةَ﴾ الخصلة التي يتقرب بها العبد إلى سيده تقرب موالاة ومحبة ومودة لا تقرب محاذاة أو أخوة، ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ مرتفع بحال مضمر تقديره: ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ مستقيمين أو ناظرين أو متسابقين، ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ وذلك لمسارعتهم في الخيرات (٢).
﴿نَحْنُ مُهْلِكُوهَا﴾ أي: مهلكو أهلها بالموت الذي لا بدّ منه، ﴿أَوْ مُعَذِّبُوهَا﴾ معذبو أهلها بالخسف والمسخ ونحوهما، ﴿فِي الْكِتَابِ﴾ اللوح، والفائدة تنبيه أهل مكة لئلا يغتروا لكونهم (٣) في الحرم آمنين وتنبيه الناس لا يتشبثوا بخراب الدنيا ويزهدوا فيها.
﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ﴾ قال ابن عباس: سأل (٤) أهل مكة رسول الله (٥) -عليه السلام- أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، وأن يُنحِّي الجبال ليزرعوا
(٢) في قوله تعالى: ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ [الإسراء: ٥٧] ستة أوجه إعرابية؛ أربعة منها جعل "أي" استفهامًا:
الأوّل: أنها مُعلقة للوسيلة كما قرره الزمخشري.
والثاني: أنها معلقة لـ"يدعون" كما قاله أبو البقاء.
والثالث: أنها معلقة لـ"ينظرون" مقدرًا كما قاله الحوفي.
والرابع: أنها معلقة لـ"نظرهم" كما قدره ابن عطية.
وأما الوجهان الآخران حال جعلها موصولة:
فالأول منهما: البدل من واو "يدعون" كما قاله أبو البقاء.
والثاني: أنها بدل من واو "يبتغون" كما قاله الجمهور، ولا حاجة من أن يكون مرتفعًا بحال مضمرة كما قاله المؤلف.
فالأظهر والله أعلم إذا قلنا بالرفع أن يكون مبنيًا على الضم في محلّ رفع بدلًا من فاعل يبتغون، والله أعلم.
[الإملاء (٢/ ٩٣)، البحر (٦/ ٥٢)، الكشاف (٢/ ٤٥٤)، الدر المصون (٧/ ٣٧٢)].
(٣) في "ب": (لكونهم).
(٤) في "ب": (سألت).
(٥) في "ب": (مكة النبي عليه).