الأشياء الثلاثة التي ذكرناها في سورة (١) بني إسرائيل، وكان الوحي قد احتبس لذلك (٢)، وفي الآية ردّ على القدرية وهي متصلة بما يليها واذكر الاستثناء بمشيئة الله إذا نسيت الاستثناء (٣)، والتوقيت من مجاز الكلام والمراد به الشرط والحال يدلّ عليه أن الذكر والنسيان لا يجتمعان في وقت، وللتقدير فيه: إن نسيت الاستثناء عند القول فاستثنِ عقيب قولك.
﴿عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ﴾ يدلني إلى ما يكون أقرب إلى الصواب من قولهم.
﴿وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ قيل: ازدادوا تلبثهم تسع ليال، وقيل: تسع سنين، وقيل: لم يلبثوا إلا ثلثمائة سنة ولكن الناس ازدادوا عليها تسعًا في الإحصاء، والمروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: تسع سنين (٤).
﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾ صورته صورة الأمر والمراد به التعجب، أي ما أبصره وهو جامد يجري مجرى الحروف.
﴿مُلْتَحَدًا﴾ معدلًا وملجأ (٥).
(٢) ابن جرير (١٥/ ٢٢٥)، والطبراني في الكبير (١١٠٦٩)، والحاكم (٤/ ٣٠٣).
(٣) في هذا الاستثناء عدة أوجه إعرابية، فقد ذكر أبو البقاء العكبري أن في المستثنى منه ثلاثة أوجه:
الوجه الأوّل: هو من النهي، والمعنى لا تقولنَّ: أفعل غدًا، إلا أن يؤذن لك في القول.
الوجه الثاني: هو من "فاعل" أي: لا تقولنَّ إني فاعل غدًا حتى تقرن به قول "إن شاءالله".
والوجه الثالث: أنه منقطع، وموضع "أن يشاء الله" منصوب على الاستثناء أو الحال، وما ذهب إليه العكبري وافقه عليه الطبري وابن عطية.
[البحر (٦/ ١١٥)، الإملاء (٢/ ١٠١)، الدر المصون (٧/ ٤٦٩)].
(٤) المروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فيما نقله ابن الجوزي عنه أنه قال: هو حكايته عما قال الناس في حقهم وليس بمقدار لبثهم، ولو كانوا لبثوا ذلك لما قال: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾ وكذا قال قتادة.
[زاد المسير (٣/ ٧٨)].
(٥) قاله مجاهد وقتادة وابن زيد رواه عنهم الطبري في تفسيره، وكذا قال الفراء. =