اللذين هما من أهل الإيمان بمنزلة التنفيس من الحيوان (١) ﴿بُكْرَةً﴾ أي: ابتداء الحالة الممتدة التي هي لملاقاة الإخوان، ﴿وَعَشِيًّا﴾ الساعة التي هي قبيل الحالة الممتدة التي هي للخلوة مع النسوان، قال قتادة: كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبه (٢) ذلك، فأخبرهم أن لهم في الجنة هذه الحالة التي تعجبهم في الدنيا (٣).
﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ﴾ خبر، ويجوز أنها اسم جنس ولي اسم الإشارة والخبر ما بعدها، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير: هذه الجنة التي ذكرنا ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا﴾ و (التقي) ينطبق على كل مؤمن.
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ﴾ عن ابن عباس قال: قال النبي - عليه السلام - (٤): "ما لك يا جبريل، ما لك لا تزورنا أكثر مما تزورنا" (٥) فأنزل الله، قال الكلبي: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ الآخرة، ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ الدنيا (٦).
وقال الفراء (٧): ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا﴾ الآخرة ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة يلقنها جبريل من الله تعالى، وقيل مقدر في ابتدائها ﴿نَسِيًّا﴾ ناسيًا (٨) فكأن جبريل قال: لم ينسنا الله تعالى ولم ينسك فلو شاء لأذن لنا في النزول إليك أكثر مما نتنزل.
﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾ أي: هو رب السماوات، وقيل: بدل من قوله

(١) ذكر هذين الوجهين الزمخشري في تفسيره، [الكشاف (٢/ ٥١٥)].
(٢) في "أ": (يعجبه).
(٣) ورد هذا في روايات ذكرها السيوطي في "الدر المنثور" (١٠/ ١٠٥، ١٠٦) وعزاه لابن مردويه ولابن أبي حاتم.
(٤) (السلام) ليست في "ي".
(٥) ابن أبي شيبة (٣٤١٧٢).
(٦) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة والضحاك، أخرجه عنهم الطبري في تفسيره (١٥/ ٥٨٢).
(٧) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ١٧٠).
(٨) (ناسيًا) ليست في "ب".


الصفحة التالية
Icon