﴿رَبُّكَ﴾ (١)، ﴿وَاصْطَبِرْ﴾ افتعال من الصبر ﴿سَمِيًّا﴾ مجانسًا، وهذا يدل على أن الاسم الحقيقي معنى دوري.
﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ﴾ قال خباب: جئت العاص بن وائل السهمي أتقاضى بمالي عنده، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد - عليه السلام -، فقلت: لا حتى تموت ثم تبعث، فقال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قال: نعم، قال: إن لي هناك مالًا أقضيكه فنزل: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا﴾ [مريم: ٧٧] الآية، وفي الآية دلالة أن الآية في العاص ﴿أَإِذَا مَا مِتُّ﴾ (ما) صلة كقول امرئ القيس (٢):
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له
﴿أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ﴾ نسيانه.
والشيطان مع (الشياطين) (٣) ﴿جِثِيًّا﴾ جلوسًا على الركب قريب من الجثوم.
﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ﴾ لنزيلن، وقيل: ليقولن ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾ فليخرج ويحتمل أيهم كان أشد ويحتمل أشدهم؛ فالأول تخصيص الوصف بما مضى، والثاني: إخلاص الوصف للحال.
﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ﴾ علم الله تعالى الذي تفرد به علم الأعيان، فأما علم الأوصاف فقد رزقنا حيث أخبر أن الكبائر هي الموجبات للنار، فمن كاد

(١) هذا أحد الأوجه أنه بدل من "ربك"، والوجه الثاني: أنه خبر لمبتدأ محذوف التقدير: هو رب. والوجه الثالث: أنه مبتدأ والخبر الجملة الأمرية بعده، وهذا على مذهب الأخفش وهو أنه يُجَوِّزُ زيادة الفاء في خبر المبتدأ مطلقًا.
[إعراب معاني القرآن للأخفش ص ٣٤].
(٢) البيت لامرىء القيس من معلقته، ورقم البيت في المعلقة (١٦)، وقد ذكر المؤلف صدر البيت وأما عجزه فهو:
بشِقٍّ وتحتي شِقها لم يُحَوَّل
والبيت من الطويل.
(٣) في "ب" "ي": (والشياطين مع الشيطان)، وفي "أ": (الشياطين مع الشياطين).


الصفحة التالية
Icon