هو من أولي العزم، فمن قال: هو منهم فعلى تأويلين؛ إما أن عزمه المنفي عنه على المعصية أي ألمّ بها غير مستحل ولا مصرّ، وإما أنه إن لم يكن ذا عزم في عهده الأول كان ذا عزم في عهده الثاني وهو قوله ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ [البقرة: ٣٨]، ﴿فَتَشْقَى﴾ وُحِّد لنظم رؤوس الآي، ولأن الرجل هو المختص بشقوة الرعاية والكسب.
وأراد بقوله: ﴿لَا تَظْمَأُ فِيهَا﴾ نفي اعوزاز الشراب ﴿وَلَا تَضْحَى﴾ نفي زوال الظل.
﴿لَا يَبْلَى﴾ لايفنى.
﴿فَغَوَى﴾ فجهل (١).
وعن عطاء بن السائب (٢) قال: من قرأ القرآن فاتبع فيه هداه الله من الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة، وذلك بأن الله يقول: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾.
﴿ضَنْكًا﴾ (٣) ضيقًا وشدة، والمراد به عذاب القبر ﴿وَنَحْشُرُهُ﴾ قيل: نبعثه، وقيل: نسوقه إلى النار.
﴿وَقَدْ كُنْتُ﴾ أي في الدنيا، وقيل: في الموقف.
﴿فَنَسِيتَهَا﴾ أعرضت وأهنتها.
﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ﴾ ويحتمل أن الآية الأولى في المرتدين وهذه

(١) حكاه القرطبي في تفسيره (١١/ ٢٥٧) وقال: معناه جهل موضع رشده أي جهل أن تلك الشجرة هي التي نهي عنها.
(٢) لم نجده عن عطاء بن السائب بهذا اللفظ ولكن الذي نقله ابن الجوزي عنه في تفسيره (٣/ ١٨٠) بلفظ أعرض عن موعظتي عن القرآن ولم يؤمن به ولم يتبعه. لكن ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قريبًا منه ولفظه: تضمن الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ثم تلا: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ...﴾ [طه: ١٢٣] الآية. أخرجه الطبري في تفسيره (١٦/ ١٩١).
(٣) قاله مجاهد وقتادة، أخرجه الطبري عنهما في تفسيره (٢٦/ ١٩٣).


الصفحة التالية
Icon