وهربوا يركضون فحصروا أجمعين، وقوله: ﴿حَصِيدًا﴾ أي شيئًا حصيدًا، والخمود الخمود والانطفاء (١).
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ﴾ اتصالها من حيث ذكر الوبال ينافي العبث والخبال.
﴿أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا﴾ قال ابن عباس: ولدًا بلغة حضرموت، وقيل: صاحبة (٢)، ﴿لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ يعني الملأ الأعلى وهم الذين لا يستكبرون عن عبادته، وإنما وصفهم بأنهم عنده لائتمارهم (٣) بأمره واتخاذهم ذكره ودوام مراقبتهم إياه مخلصين له الدين، قاهرين بإذنه الملحدين، بخلاف الأرواح الخبيثة الملابسة للأصنام والطواغيت، يدلُّ عليه قوله: ﴿لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ [الزمر: ٤]. ووجه الإنكار على اليهود والنصارى والمجوس ظاهر وعلي بني مليح من حيث إنهم كانوا يسمون الملائكة ويصفون الشياطين فكان قولهم في الحقيقة عائدًا إلى الشياطين دون الملائكة.
﴿فَيَدْمَغُهُ﴾ فيهلكه، والدمغ إصابة الدماغ، ووصف على رسول الله فقال: دامغ جيشات الأباطيل (٤).
﴿يَسْتَحْسِرُونَ﴾ يسخرون وهو الإعياء والانقطاع.
﴿لَا يَفْتُرُونَ﴾ لا يضعفون ولا يملون.
﴿أَمِ﴾ بمعنى ألف الاستفهام (٥) ﴿يُنْشِرُونَ﴾ يخلقون، وهذه قريبة من

(١) الخمود هو خمود النار إذا طُفِئَت كما قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -، أخرجه الطبري عنه في تفسيره (١٦/ ٢٣٧).
(٢) ورد عن الحسن وقتادة أن ذلك لغة أهل اليمن، وانظر: الدر المنثور (١٠/ ٢٧٦ - ٢٧٧).
(٣) في "ب": (لا يتماره).
(٤) ذكر ابن كثير هذا الوصف من قول علي بن أبي طالب، وكذا ابن عساكر كما في مختصره (١/ ٣٠٨).
(٥) هذه "أم" المنقطعة يقدرها بعض النحويين بـ "بل" التي للإضراب الانتقالي، وبالهمزة التي معناها الإنكار.


الصفحة التالية
Icon