والانطباق، ومنه المرأة الرتقاء (١)، و (الرتْق) بسكون التاء: متعد، ومنه يقال: فاتق راتق، وعن أبي صالح الحنفي أن السموات كن واحدة والأرضين كن واحدة في ابتداء الخلق ثم جعل الله كل واحدة منهم سبعة أطباق (٢). ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ قال الكلبي: كل شيء حي أنبتته الأرض، وقال الكلبي أيضًا: بقاء النبات وحياته هي من الماء، وقال أبو العالية: المراد بالماء النطفة، والخلق (٣) قتادة والضحاك، وهو ظاهر الآية (٤).
﴿فِجَاجًا﴾ جمع فجّ، والفج: الفرجة من جبلين، وتفاجت الناقة: إذا فرجت رجليها للتبول والحلب.
﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ﴾ قال الكلبي والفراء: الفلك موج مكفوف (٥)، وقال أبو عبيد الهروي: الفلك في اللغة موج البحر إذا جاء وذهب واضطرب (٦)، وهذا يقتضي أن الفلك ذلك واحد وكل يسبحون فيه، وقيل: الفلك الشيء المسندير ومنه سميت القطعة المستديرة من الأرض فلكًا، وهذا يحتمل ما ذكرنا ويحتمل أن كل واحد في ذلك على حدة وكل يسبحون، وهذا قول المنجمة والفلاسفة، وزعموا أن الأفلاك الدائرة

(١) الرَّتْقُ في اللغة: الانضمام، ارْتَتَقَ حَلْقُهُ أي انضم، وامرأة رتقاء أي مُنْسَدَّة الفرج فلا يمكن جماعها، والفتق: فصل ذلك المرتتق. ومعنى الآية كما قال ابن عباس: كانتا ملتصقتين ففتقهما الله فرفع السماوات ووضع الأرض وفتق السماء بالمطر والأرض بالنبات.
[الطبري (١٦/ ٢٥٦ - ٢٥٧)، اللسان (رتق)، البحر (٦/ ٣٠٩)].
(٢) أبو الشيخ في "العظمة" (٥٤٣)، وعزاه السيوطي كذلك لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) البيهقي في "الأسماء والصفات" (٨٢٦)، ونقله عنه ابن الجوزي في تفسيره (٣/ ١٨٩).
(٤) الذي عن قتادة أخرجه الطبري في تفسيره (١٦/ ٢٦٠)، ولفظه: كل شيء حي خلق من الماء.
(٥) ذكره القرطبي في تفسيره (١١/ ٢٥١) دون نسبة لأحد، وهو عند الفراء في معانيه (٢/ ٢٠١).
(٦) غريب الحديث (٤/ ٩٧).


الصفحة التالية
Icon