حصين وعن (١) علقمة قال: إن الزلزلة قبل الساعة (٢)، وهو الاضطراب الشديد وأصله من الزلل.
﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا﴾ أراد التحيل والحسبان (٣) ﴿تَذْهَلُ﴾ تسلى عما لا يتسلى عنه، و (العمل) بالفتح: ما اتصل من الثمار، و (العمل) بالكسر: ما أحمل من الأوزار (٤).
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ﴾ قال ابن عباس أن النضر بن الحارث بن كلدة يقول: ما يأتيكم محمَّد إلا بمثل ما كنت آتيكم به (٥)، فنزلت. فتقديرها من يجادل في آيات الله وفي كتابه إن كنتم في ريب من جواز البعث وإمكانه لنبين لكم أن البعث جائز ممكن متصور غير مستحيل، وقد وجب لاتصاله بوعد الله، وفي الآية دليل أن الخبر المتواتر يفيد العلم الضروري كالمشاهدة.
﴿مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ مصورة وغير مصورة (٦)، وقيل: مصورة خلقًا بعد خلق، وغير المخلقة ما لم يكن ترابًا ولا نطفة، وعن عامر الشعبي عن عبد الله قال: النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك بكفه فقال: أي رب أمخلقة أم غير مخلقة؟ فإن قيل: غير مخلقة لم تكن نسمة وقذفتها الأرحام دمًا، وإن قيل: مخلقة، قال: أي رب أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ وما الأثر؟ وما الرزق؟ وبأي أرض تموت؟ قال: فيقال للنطفة: من ربك؟ فتقول: الله، فيقال: من رازقك؟ فتقول: الله، فيقال للملك: اذهب

(١) (وعن) ليست في "أ".
(٢) ابن جرير (١٦/ ٤٤٦)، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم.
(٣) الضمير في "ترونها" يعود إلى "زلزلة الساعة".
(٤) الذي في الآية "حمل" بفتح الحاء والمعنى كما قال الحسن وابن زيد: أن تلقي الحوامل ما في بطونها لغير تمام للكرب الذي نزل بها.
[الطبري في تفسيره (١٦/ ٤٥٦)].
(٥) ذكره السيوطي في الدر (١٠/ ٤١٨) وعزاه لابن أبي حاتم، وليس فيه (ما يأتيكم).
(٦) قاله الحسن البصري نقله عنه ابن الجوزي في تفسيره (٣/ ٢٢٣).


الصفحة التالية
Icon