بالمعروف حتى تجدوا ظهرًا إلى البيت العتيق" (١)، يعني حريم البيت العتيق وهو الحرم كله، وكان المشركون ينحرون عند زمزم وهو اليوم في المسجد الحرام، والمسجد ينزه عن القاذورات.
﴿جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ قال الكلبي: المراد به الأضاحي، وذلك يدل على وجوبها، ﴿الْمُخْبِتِينَ﴾ المتواضعين والساكنين، و (الجنب): المكان المطمئن من الأرض، و (الإخبات): التواضع والسكون.
﴿إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ وهذه صفة أوليائه على بساط الغيب فإذا أكرموا بالمشاهدة اطمأنوا. وقد جمع الصفتين في قوله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٣] ﴿وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾ اللام لكون إضافة الصلاة (٢) غير محضة بدليل حسن دخول النون أو التنوين في المضاف وانتصاب المضاف إليه.
﴿وَالْبُدْنَ﴾ جمع بدنة، والبدنة: البعير أو البقرة، واللفظ لا يدل على اختصاصه بمكة بخلاف الهدي ﴿صَوَافَّ﴾ جمع صافة، كالدابة والدواب والحاسة والحواس ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ سقطت فلصقت بالأرض بعد الذبح والنحر وسكنت ﴿فَكُلُوا﴾ أمر إباحة وهو عام في كل بدنة بلغت محلها وكانت دم تذكية ولم يكن دم جناية ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ عام في أهل مكة وغيرهم، وقال مجاهد: القانع جارك وإن كان غنيًا، وقال مرة: القانع أهل مكة والمعتر الذي يعتريك ولا يسألك.
﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ﴾ لن ينال ثواب الله وفضله ونعمته لحوم الهدايا و ﴿دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ وفي زبور داود -عليه السلام-: ليس الأعمال أعمال الجوارح إنما الأعمال أعمال القلوب، وقال النبي -عليه السلام-: "إن الله
(٢) في الأصل: (لكون الإضافة غير).