تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم" (١) وقال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (٢)، وعن الكلبي والفراء (٣): أن الكفار كانوا ينضحون البيت بالدماء ويقولون: اللهم تقبلها منا، وقصد المسلمون بمثل ذلك فأنزل الله تعالى رفع اتصالها من حيث الأمر بالمناسك، وذلك لا يتصور وجوده إلا بعد تمكين المأمورين والذب عنهم.
﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾ في القتال ﴿بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ تعليل وتسبيب للإباحة، وذلك أن أهل مكة كانوا يستضعفون المؤمنين وينالون منهم وهم يستأذنون في القتال.
﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا﴾ في محل الخفض بدلًا من الذين ظلموا ﴿بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ بغير سبب أو علة، فعلى هذا الاستثناء متصل، وقيل: بغير عدل، وعلى هذا الاستثناء منقطع ومثله قوله: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)﴾ [الليل: ١٩، ٢٠] ﴿صَوَامِعُ﴾ جمع صومعة (٤) ﴿وَبِيَعٌ﴾ جمع بيعة وهي المدرسة ﴿وَصَلَوَاتٌ﴾ جمع صلاة، وقيل: صوامع الرهبان وبيع النصارى وصلوات كنائس اليهود (٥) ﴿وَمَسَاجِدُ﴾ المسلمين، وهذه المواضع أشرف وأعظم حرمة من غيرها، يدل عليه إجماع المسلمين على استحباب أن يتخذوا هذه البقاع من ديار الكفار مساجد وأفتحها الله لهم.
(٢) البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٣) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ٢٢٧).
(٤) في الأصل: (صومة).
(٥) الصوامع هي صوامع الرهبان النصارى كما قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وابن زيد، أخرجه الطبري في تفسيره (١٦/ ٥٨١) وكذلك البيع بيع النصارى قاله قتادة والضحاك، وأما الصلوات فقيل: كنائس اليهود وهو الذي رجحه أبو منصور اللغوي، وكنائس اليهود بالعبرانية "صلوتا" وأما المساجد فكما قال ابن عباس هي مساجد المسلمين.
[زاد المسير (٣/ ٢٤١)].