وقال الكلبي وغيره: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ﴾ هادي أهل السموات (١) لأنه قال: ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ وقال ابن عرفة: نور أي منور السموات ألا ترى ذكر المصباح والكواكب، وقوله: ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾ [النور: ٤٣]، وقال الأزهري: ﴿نُورُ السَّمَاوَاتِ﴾ مدبر أمرها لحكمة بالغة وحجة نيرة ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا﴾ [النور: ٤٣] الآية وقال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ﴾ [النور: ٤٥] وقيل: الله جاعل نور السموات والأرض، حذف المضاف (٢) وأقام المضاف إليه مقامه، ألا ترى قال: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠] ثم اختلاف الفريقين في النور المضاف (٣) قيل: إنه محمَّد -عليه السلام- (٤)، وقيل: هو القرآن (٥)، وقيل: هو المعرفة ﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ ككوة لا منفذ لها (٦)، وقيل: موضع الفتيلة ﴿مِصْبَاحٌ﴾ سراج في زجاجة، وهي خلاصة شفافة من الرمل والحجر من شجرة زيت ﴿زَيْتُونَةٍ﴾ شجرة بالشام ثمرتها كالتوت إلا أنها تنعصر دهنًا، والزيت هذا الدهن ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ﴾ فتزول عنها الشمس بعد الزوال ﴿وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ فلا تصل إليها الشمس قبل الزوال، ولكنها شجرة في ربوة من الأرض لا تفارقها الشمس من أول النهار إلى آخره (٧)،

(١) يروى عن ابن عباس كما عند ابن جرير (١٧/ ٢٩٥)، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٥٩٣ - ٢٥٩٥)، وقد ردّ شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٦/ ٣٧٤) على الذين أرادوا تأويل اسم النور بمعنى الهادي. والله نور ويهدي بنوره أما إنكار النور وأنه بمعنى الهداية فهذا الذي رده شيخ الإسلام.
(٢) (المضاف) ليست في "أ".
(٣) من قوله (إليه مقامه) إلى هنا ليست في "أ".
(٤) جاء عبد الله بن عباس إلى كعب الأحبار فقال له: حدثني عن قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ....﴾ [النُّور: ٣٥] الآية، فقال كعب: ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ مثل محمَّد - ﷺ - كمشكاة، أخرجه الطبري في تفسيره (١٧/ ٢٩٩)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٥٩٦) وهو قول سعيد بن جبير.
(٥) وهو قول الحسن وابن زيد، أخرجه عنهما الطبري في تفسيره (١٧/ ٣٠٥).
(٦) وهو قول كعب وابن جريج وكذا قال الفراء. [الطبري (١٧/ ٣٠٥)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٥٢)، زاد المسير (٣/ ٢٩٥)].
(٧) وهو قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة، أخرجه الطبري عنهم في تفسيره (١٧/ ٣١١)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٦٠٠).


الصفحة التالية
Icon